حُكمُ التصرُّفِ في الهدايا المقدَّمَةِ للأَبناءِ مُقابلَ هدايا سابقةٍ
من الوالدَينِ
أُجامِلُ أقربائي وأهدِيهم في
المناسَباتِ، وفي المقابِلِ يهْدُون لابنتي، فهل الهديةُ تكونُ للبنتِ أم لي ؟
الجواب :
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ
على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحْبهِ أجْمَعين، وبعد.
يجري العرفُ في كثيرٍ من بلدانِ المسلمين بمثلِ هذه العَادَاتِ، وهي منْ حيثُ التَّوصِيفُ الفِقْهيُّ تخرَّجُ على
مسألةِ هديةِ الثَّوابِ؛ وذلك أن الهدِيةَ قِسْمان: الأوَّلُ: الهَدِيةُ المطْلقةُ،
وهي الهديةُ المعْرُوفةُ بين النَّاسِ، وهذا النَّوعُ من الهدايا من عُقُودِ
التبرعاتِ المحضَةِ، والثَّاني: هديةُ الثَّوابِ، وهي الهدِيةُ التي يقدِّمُها أَحَدُ
الأشْخاصِ للآخَرِ بُغيةَ أن يرُدَّها عليه أو يزيدَه، فهي هِبةٌ بعِوَضٍ مجهُولٍ،
وغالبًا ما تكُونُ من الأصغَرِ إلى الأكبرِ، وليس هذا شَرْطًا، بل العُرْفُ يجْرِي
بخلافِهِ، وهذا النوعُ من الهدايا من عُقُودِ المعاوضاتِ، قال الباجي: "هبةُ الثَّوابِ
ليستْ على وجْهِ القُرْبةِ، وإنما هي على وجهِ المعاوَضةِ" ا هـ ، فهي تُشْبِهُ
البيعَ في قوْلِ جمهُورِ الفقهاءِ، والعِوَضُ فيها إمَّا إنه مشْرُوطٌ عُرفا أو مَشْروطٌ
نصًّا، وقد دلَّ على مشروعيتها سُنَّةُ
النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى ا لله عليه وسلم يقبلُ الهديَّةَ ويثيبُ
عليها. أخرجه البخاريُّ، وعند أحمدَ والترمذيِّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ أعْرابيًّا
أهدَى إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرةً، فعوَّضه سِتَّ بكراتٍ، فتسخَّطَهُ!
فبلَغَ ذلك النبيَّ صلى اللهُ عليه و سلم، فَحَمِدَ اللهَ وأَثْنى عليه، ثم قال:
إنَّ فلانًا أهْدَى إليَّ ناقةً، فعوَّضتُه ستَ بكرات، فظلَّ سَاخِطًا؛ لقد همَمْتُ ألا أقْبلَ هدِيةً إلا من قُرَشِيٍّ
أو أنْصاريٍّ أو ثَقَفِيٍّ أو دَوْسيٍّ، والحديثُ صححه الألباني، فهذه الهدية
المقدَّمُةُ لابنتك هي في الواقعِ ردٌّ وثوابٌ لما قدمتيهِ أنتِ من هدايا لهم، فلك
الحقُّ في التصرُّفِ فيها، وليستْ من الهدايا المطلقةِ التي تتملكها ابنتك.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
1/4/1433هـ