حكمُ إسقاطِ جنينٍ بدونِ جمجمةٍ
نحن في استقبال جنين ، لكن قال الأطباء: إنه بدون جمجمة ، ومستحيل يعيش،
والأفضل التخلص منه، وقد يكون هناك خطورة على الأم، فما حكم إسقاطه بعد الشهر
الرابع ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الأصل حفظ الجنين، وعدم مساسه، إن كان قد تم
أربعة أشهر، ونفخت فيه الروح؛ لأنه حينئذ اكتسب صفة الحياة، وصار إنسانا ونفسا
معصومة، فله الحق في الحياة على أي شكل كان، فلا يجوز التعدي عليه بإجهاض ونحوه، ومن
اعتدى عليه ناله نصيبُه من قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللّهُ }الأنعام151 ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إسقاطُ الحملِ حرامٌ
بإجماعِ المسلمين، وهو من الوأد الذي قال الله فيه: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ
* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } [التكوير: 8، 9] .
وعلى والديه أن يحسنا الظنَّ بالله تعالى، قال النبي
صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله عز وجل : أنا عند ظنِّ عبدي بي ) " اهـ، وأن
يتحليا بالصبر والرضا بقضاء الله وقدره، فهذا شأن المؤمن، قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ
لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ،
وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم.
أما في حال الخطر المحقق على الأم، فقد استثنى
بعض العلماء هذه الحال ؛ وعللوا ذلك بأن حياة الأم هي الأصل، وحياة الجنين تابعة لها،
كما أنه لو لم يحصل الإجهاض لكان هلاكا للأم وللجنين، ولأن حياة الأم متيقنة، وحياة
الجنين مشكوك فيها، فإن تقرر أن بقاء الجنين يلحق بالأم الضرر المحقق، وتعين دفع
الضرر بالإجهاض، وغلب على الظن حفظ حياة الأم به، فإنه لا مانع من الإجهاض ، في
تلك الحال، سيما وأن الجنين في حال لا يعيش فيها غالبا.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 2/4/1430هـ