الذي أراه جواز قراءة الحائض للقرآن، سواء من قلبها أم من المصحف مع حائل، أم من الجوال بغير حائل، فسألني أحد الأفاضل، وقال: "حديث ( أنّ رجلا سلّم على النّبي صلى الله عليه وسلم، وقد بالَ، فلم يردّْ عليه النَّبِيُّ صلَّي اللهُ عليه وسَلَّم ) ومعلوم أنَّ ردَّ السَّلام واجب ولكنَّه ترَكَه ، فعُلِمَ أنَّ ذكر الله تعالي حال التَّلَبُّس بالنَّجاسة حرام ؛ فما بالك بالحائض ؟! ، أليس هذا دليلا علي أنَّ الحائض لا يجوز لها قراءة القرآن؟

فأجبته

  الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

 فإن هذا فعل من النبي صلى الله عليه وسلم، وغايته أن يحمل على الأكمل، فليس فيه المنع من ذكر الله تعالى على غير طهارة، بل قال صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك، إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة"، وجاء عند أحمد أنه لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال بيده إلى الحائط، يعني أنه تيمم، وفيه ضعف، وليس في ذلك إيجاب أو تحريم، إنما هو الأولى، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، وهذا عام، يشمل ما لو كان على طهارة أم غيره، على أنه قال أهل العلم: إنه  لا ينبغي رد السلم لمن كان مشتغلا ببول وغائط، لكراهة ذكر الله تعالى في تلك الحال، فيترك من كان كذلك ردَّ السلام وتشميتَ العاطس ونحوه، وقد أخرج ابن ماجه: أن رجلاً مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي، فإنك إن فعلت ذلك لن أرد عليك)، فيكون هذا سببا آخر في عدم الرد.

على أن بعض أهل العلم يحمل تلك النصوص كلها على ما قبل نزول آية الوضوء، وبعد أن أنزلت أصبح وجوب الوضوء للصلاة فقط. ثم الحائض لا يقال: متلبسة بنجاسة! إنما هي في الحكم أشبه بالجنب، تمنع من الصلاة والصوم ونحوه، ليس للنجاسة، ولكن لهذا الوصف الحكمي، وهو الحيض، حتى ولو تطهرت من تلك النجاسة جيدا، تبقى ممنوعة من هذه العبادات،

وفقك الله

كتبه: د. محمد بن موسى الدالي

في 4/11/1439هـ