هل تكون الغيبة باللفظ فقط؟وما كفارتها ؟ وكيف أبعد نفسي أشد البعد عنها؟
الحمد لله رب العالمين.
الغيبة كما تكون باللسان، تكون بالمحاكاة والتقليد على وجه التنقص والازدراء، فيقلد شخصٌ آخرَ على وجه التنقص والتحقير، قال النووي في الغيبة المُحرَّمة: "ومن ذلك المحاكاة، بأن يمشي متعارجا أو مطأطئا أو غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية هيئة من يتنقصه بذلك، فكل ذلك حرام بلا خلاف".
وكفارة الغيبة أن يستغفر للشخص الذي اغتابه، ويثني عليه في نفس المجلس الذي اغتابه فيه، ويكثر من الدعاء له، هذا في الوقت الذي ذهب جمع من أهل العلم إلى ضرورة التحلل منه، بأن تذهب إليه وتتحلله، لكن الصحيح هو الأول، وذلك لما في التحلل بهذا الطريق من وغر للصدور، وإغاظة للنفس، وإنما ذكرت لك هذا القول لبيان خطر ما عليه المغتاب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) رواه البخاري.
وأفضل الطرق للتخلص من ذلك مصاحبة أهل الخير والتقوى، والتقليل من مجالسة غيرهم، فأهل التقوى يذكر بعضهم بعضا، مع التذكر الدائم لخطر وعظم ذنب الغيبة، فإن الله تعالى يقول في محكم التنزيل: { وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }الحجرات12.
وعند أحمد والترمذي وأبي داود من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا -تَعْنِي قَصِيرَةً- فَقَالَ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ )، والله الموفق.
كتبه : د.محمد بن موسى الدالي
في 28/2/1433هـ