حكم المسابقات عن طريق الاتصال عبر القنوات الفضائية والهاتف
لا يخفى عليكم حجم المسابقات التي تقدم للمسلمين عبر القنوات الفضائية أو الهاتف، ونحوه، وهي عبارة عن أسئلة توجه للمشاهدين، فمن جاوب فله كذا وكذا، ويكون ذلك عن طريق الاتصال برقم معين، وبسعر معين، وبعض الأحيان يكون الاتصال بالسعر العادي، فما حكم هذا النوع من المسابقات؟
الحمد لله رب العالمين
للأسف الشديد أن كثيرا من المسلمين أصبح يخالط المحرمات، بل الكبائر من المحرمات دون أن يشعر، وهذا المسألة التي ورد فيها السؤال من أبرز صور القمار المعاصرة، فالذي يتصل مادام سيتكلف ولو شيئا يسيرا، فهو داخل في عقد ميسر، إما أن يكون غارما فيه ما دفعه، القليل أو الكثير، وإما أن يكون رابحا فيه أضعاف أضعاف ما دفع، والتي قد تكون سيارة ونحوه في بعض الأحيان، وهذا هو حَدُّ الميسرِ المحرم، بل إن الشريعة الإسلامية ضيقت باب المسابقات فيما يعين على الجهاد فحسب، فعند أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا سَبَق إلا في ثلاث نصل أو خفٍّ أو حافر) والسَّبَق بفتح الباء، هو ما يدفع عوضا في المراهنات، أي لا يجوز إجراء المسابقة التي فيها عِوض إلا في هذه الثلاثة فحسب، وكما ترى هذه الثلاثة إنما جاز دخول العِوض فيها لتضاؤل مفسدة الميسر في مصلحة الجهاد، على اختلاف بإلحاق المسابقات العلمية الشرعية بها أو لا؟
فمنعها الجمهور عملا بالحديث، وأباحها الحنفية وشيخ الإسلام إمضاءً لمعنى النَّص، وهو الأرجح، فلا شك أن الإسلام كما ينتشر بالسيف، ينتشر بالقلم، لكن مع ذلك حرَّمها جمهور أهل العلم.
فكيف بهذه المسابقات التي تُقدَّم عبر القنوات أو الهاتف، والتي في غالبها في أمور محرمة، كالسؤال عن اسم الممثل أو المغني ونحوه؟! فهذا فوق كونه ميسرا أيضا تعاونٌ على الإثم والعدوان، أو السؤال عمَّا لا قيمة له، كاسم اللاعب، أو صورة مَنْ؟ !!.
أما الأسئلة في المباحات، كاسم بلدة كذا، ومخترع كذا، فلا بأس به بشرط خُلوِّه عن العِوض، أما بالعِوض فلا يجوز إلا ما نصَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضيَّق هذا الباب، فقال: (لا سَبَق إلا في ثلاث ..) وهذا يعني تحريمه في سوى هذه الثلاث، ولا بأس في الأسئلة الشرعية إن عُلم حسن قصد الجهة، أما إن كان قصدهم العوض دون نفع المسلمين، فهي داخلة في الميسر أيضا، كأن تكون الأسئلة ميسورة جدا، مثل: من هم الخلفاء الأربعة؟ ما لقب عمر بن الخطاب؟ ونحوه، مما يعرفه كل أحد، ولا يحتاج إلى بحث وعمل، فهذه الجهة لم تقصد نفع المسلمين، إنما قصدت جلب الأموال الطائلة من وراء الاتصالات، فالعوض هو المقصود في هذه الصورة، لذا يحرم، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
18/7/1433هـ