المواد / المقالات / متابعة المؤذن وفقه مسائله

متابعة المؤذن وفقه مسائله

تاريخ النشر : 25 جمادى أول 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 2766
مشاركة هذه المادة ×
"متابعة المؤذن وفقه مسائله"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد بن عبد الله ، ومن والاه، وسار بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد.
 
فإن من عظيم فضل الله تعالى على العباد أن شرع لهم جملة من الطاعات والمستحبات اليسيرة، التي لا تكلف العبد شيئا، وتزيده وترفع درجاته عند مولاه سبحانه، ومن جملة ما شرع الله زيادة في الحسنات، ورفعة في الدرجات أن شرع متابعة العبد للمؤذن حين يعلن الأذان، ذلك العمل الذي يتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، يرفع فيها ذكر الله والشهادتان، فهو شعار الإسلام وأهله، فجاء في ذلك نصوص كثيرة تحثُّ عليه وترغب فيه، ومن ذلك الآتي:
 
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة). أخرجه مسلم
 
- وعن أبي سعيد الخدري رَضِي اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال : "إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.‏
 
- وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذَا قالَ المُؤَذّنُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، فَقالَ أحَدُكُمْ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ؛ ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، قالَ: لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللّه؛ ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الفَلاح، قالَ: لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ؛ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبرُ؛ ثمَّ قالَ: لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ، قالَ: لا إلهَ إِلاَّ اللّه مِنْ قَلْبه دَخَلَ الجنَّة". رواه مسلم.
 
ففي الأحاديث مشروعية المتابعة، وفيها أن المشروع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بعد الأذان، لقوله: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ... " رواه مسلم .
 
وأفضل الصيغ الصلاة الإبراهيمية وهي "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وغيرها من الصيغ الصحيحة .
 
كما فيها الدعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالوسيلة لقوله: (ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة "رواه مسلم.
 
والمشروع ما ورد عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: " من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة" رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
 
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا سمع المؤذن فليقل كما يقول إلا بعد ( حي على الصلاة وحي على الفلاح ) يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ) فمن قال ذلك من قلبه دخل الجنة ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم وأحمد وأبو داود .
 
        - ومن السنة أن يقول بعد فراغ المؤذن من الشهادتين ما ورد في حديث سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قالَ حِينَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَبِالإِسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» وفي لفظ: (وأنا أشهد) أخرجه مسلم.
 
        - من السنة دعاء الشخص لنفسه بعد الأذان، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذانِ وَالإقَامَةِ».
 
        وقد روى أبو داود رحمه الله في سننه أن رجلا قال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا؟ فقال: قُلْ: "كما يقولون، فإذا انتهيت فسلْ تعطَه".
 
- كما يسن متابعة المؤذن على المذياع إن كان يذاع على الهواء مباشرة، ويتابع المسلم الأذانَ، رجلا كان أم امرأة، صحيحا كان أم مريضا.
أما إن كان الأذان عبر المذياع، بصوت مسجل قديم، وليس على الهواء مباشرة، أو مسجل في الجوالات، فلا يظهر لي مشروعية المتابعة، لعدم وجود المؤذن الحقيقي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا سمعتم المؤذن ..) وهذا ليس بمؤذن، وأرجو به خيرا إن تابع مع ذلك.
 
- ويسن أن يردد مع كل مؤذن يؤذن حتى يصلي، زيادة في الأجر، لعموم النص، فإن صلى لم تشرع المتابعة.
 
- يسن أن يتابع الجنب والحائض والنفساء وغير المتوضئ، فليس في الشرع ما يمنع ذلك.
 
- لو انشغل عن متابعة المؤذن، فلا بأس أن يقضيه بعد انتهائه مما في يده، إن قرب العهد، كأن ينتهي مما شغله عند انتهاء المؤذن، فلا بأس بقضاء المتابعة، ويقضيه مرتبا، ويبدل: "حي على الصلاة، وحي على الفلاح" بالحوقلتين، وكان شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، يفعله كثيرا.
 
- إذا دخل المسجد والمؤذن يؤذن، يسن متابعة المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد أو الراتبة، ولو دخل يوم الجمعة، فيسن أن يبدأ بالصلاة، ولا يتابع المؤذن، حتى يتفرغ لسماع الخطبة، فسماع الخطبة أوجب من متابعة المؤذن.
 
- لا بأس بقطع الدرس أو القراءة أو تلاوة القرآن لمتابعة المؤذن، فهو أولى وأكمل للأجر، تحصيلا للخيرين، خاصة أن وقت الدرس والقراءة باقٍ لا يفوت، بخلاف الأذان فهو عارض، ويذهب وقته.
 
- تشرع متابعة المؤذن بكل حال، حتى في الأذان الأول للفجر، والأول يوم الجمعة.
 
- لا مانع من إجابة الإنسان للمؤذن مع استمراره في الحديث أو الكلام أو ما أشبه ذلك ، وأولى به أن ينصت.
 
- لا يجوز متابعة المؤذن في قوله: (حي على خير العمل) أو ( أشهد أن عليا ولي الله ) بل هذا القول يبطل الأذان.
 
- من لم يسمع المؤذن جيدا، أو رآه ولم يسمعه لبعد ونحوه، فلا تشرع المتابعة لعدم السماع، والمتابعة مشروطة بالسماع.
 
- إذا قال المؤذن : ( صلوا في رحالكم ) لا يظهر مشروعية قول شيء.
 
- ظواهر السنة أنه لا متابعة في الإقامة، بل ظاهر السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل في الصلاة مباشرة دون متابعة للمقيم، ومثل هذا يتكرر كثيرا، وتتوافر الهمم على نقله لو كان يفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولم ينقل، فالأقرب عدم الفعل.
 
- إن كان الشخص في مكان يتعذر معه الإجابة، كما لو كان في الحمام، أو كان في صلاة، فله أن يجيب بقلبه، أو يؤخر الإجابة إلى أن ينتهي، ويقضيها.
 
تنبيهات على أخطاء في المتابعة:
 
-   عند انتهاء المؤذن من الأذان، فإن المشروع ابتداءً الصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يشرع الدعاء المعهود، لقوله صلى الله عليه وسلم: (فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ ..).
 
-   إذا قال المؤذن في أذان الفجر: ( الصلاة خير من النوم ) فإن السنة المتابعة، وتكرار نفس العبارة، ولا يشرع أن يقال: ( صدق رسول الله ) أو (صدقت وبررت ) فهذا لا أصل له، بل استحسنه بعض أهل العلم، ولا دليل عليه، بل المشروع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) ولم يستثنِ إلا الحيعلتين.
 
-   من الأخطاء أن بعض الصائمين يؤخر فطره حتى يتشهد المؤذن، وهذا خلاف السنة الآمرة بتعجيل الفطر، والسُّنة فيه مع أول الأذان.
والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 22/4/1435هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف