د.الدالي: شارب الدخان أولى بالمنع من الجماعة من آكل الثوم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فإن من المتقرر شرعا أن من أكل ثومًا أو بصلا أو كُرَّاتًا ونحوه، مما له رائحة كريهة أنه منهي عن حضور الجماعة في المسجد، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربَنَّ مسجدنا"، وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك هذا لأن هذا يؤذي، وإيذاء المسلم لا يجوز، وقد قـال الله تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } الأحزاب-58.

وهذا مع كون هذه الثمار من المباحات، فالعبد لا يأثم بأكل الثوم أو البصل أو الكرات، ومع ذلك نهى الشارع الحكيم من أَكَل شيئا من هذا أن يقرب المسجد، وعليه فمن شرب الدخان كان أولى بالمنع منه، لكونه أقبح رائحة، مع أن الدخان من حيث أصل الحكم محرَّمٌ في قول أكثر العلماء، لما يترتب عليه من ضرر متحقق لمن يتعاطاه، فقد قال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء - 29، وقال تعالى: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } البقرة - 195، وهو من الخبائث أيضا، وقد حرم الله الخبائث بقوله: { وَيُحرِّم عَليْهِم الخَبَائِثَ } الأعراف ? 157، فيكون من شرب الدخان وأتى الجماعة فعل محظورين: الأول تناوُلُ المحرم، والثاني: إيذاءُ المسلمين، لذا على شارب الدخان أولا أن يقلع عن تلك العادة المحرمة، وأن يتوب إلى الله تعالى منها، ثم إن أراد أن يحضر الجماعة أن يُذهب هذه الرائحةَ الكريهةَ ما استطاع، دفعا للأذى عن الملائكة وعن المسلمين، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، والله تعالى الموفق.

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 23/3/1430هـ