إمامة الصلاة من أعظم ولايات الإسلام، وهي من أكثر ما يتهاون فيه الناس
وصايا لإمام المسجد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
أخي إمام المسجد: امتن الله عليك بمنة عظيمة، ومنحة جليلة أن أسند إليك إمامة المسلمين في أجل شعيرة في الإسلام، ولأجل التقصير الحاصل من كثير من الإئمة، ومن باب التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إليك تلك الوصايا عسى الله أن ينفع بها:
- علِّم الناس السنة في الصلاة، واحرص عليها، فهذا دورك العظيم، وهو من أعظم المهام التي تقوم بها، واحتسب أجرك عند الله تعالى.
- لا تدخل الصلاة حتى تسوي الصفوف تماما، وليس الصف الأول فحسب، بل كل الصفوف، وابدأها جميعا من خلفك، ثم علمهم أن يمين الصف أولى عند البدء، وعند تقارب الجهتين فقط، وليس اليمين أفضل مطلقا، كما توهمه العامة، بل خذ من اليمين واجعله في اليسار عند وقوع هذا الخطأ، وعلمهم أن اليسار الأقرب للإمام أفضل من اليمين الأبعد.
- لا ترد الصبي الذي بادر وبكَّر إلى المسجد عن الصف الأول، بل هو حقه،
وفي الحديث: (من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أولى به)، وهو ضعيف الإسناد، لكن صحيح المعنى، فمن أعظم الجناية عليه أن ترده إلى الصفوف الخلفية، وقد بادر إلى المسجد!ّ بل اتركه بين الرجال، حتى يتعلق قلبه بالمسجد، ولا يرى نفسه رجلا إلا فيه، وهذه فائدة جليلة، تجد أجرها عند الله تعالى.
- الزم الهدي النبوي في طول الركوع والسجود والرفع منهما، والمحفوظ عشر تسبيحات في كل منها.
- الزم الهدي النبوي في طول القراءة في القيام، فخفف في المغرب، وأطل في الفجر، وتوسط في العشاء، وأطل في الظهر، واجعل العصر على النصف من الظهر، فهذا هو المروي في الصحاح وغيرها.
ولا بأس لو أطلت في المغرب، وخففت في الفجر، فهذا منقول عنه صلى الله عليه وسلم في الصحاح أيضا.
- إياك أن توافق أهواء وأمزجة المصلين في طول الصلاة، فهذا يريد التخفيف، وآخر يريد تخفيفا أكثر، وآخر يريد الإطالة، بل احملهم جميعا على هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولو أذاك بعضهم بالقول، بل كن قويا في الحق.
- مما خالف فيه الناس تخفيف الرفع من الركوع جدا، وبين السجدتين، والسنة التسوية بين الركوع والرفع منه، والسجود والجلوس بينه، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل الرفع من الركوع وبين السجدتين، حتى يقال: قد نسي!! صلى الله عليه وسلم.
- خفف الجلوس في التشهد الأول، بقدر الواجب، فهذا من هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
- احفظ مكانا للمؤذن خلفك مباشرة، في الصف الأول، فهو أولى الناس بهذا المكان، وعظيم جدا أن يرد المؤذن إلى الصفوف الخلفية، بعد أن بادر إلى المسجد قبل الناس جميعا!!
- لا تطل استقبال القبلة بعد التسليم، فقط استغفر ثلاثا، ثم قل: اللهم أنت السلام ومنك السلام ... ، ثم استقبل الناس، فاستدبار المأمومين ضرورة، تنقضي بانتهاء الصلاة، ثم يجب استقبال المأمومين، وهذا عام في كل الصلوات، حتى المغرب والفجر، وإن أردت فقه هذه المسألة، فلعلك تراجع كتابة لي في الموضوع: "ليس من السُّنة مكثُ الإمامِ مستقبلا القبلةَ بعدَ المغربِ والفجرِ".
- من السنة الجهر بالذكر دبر الصلوات دون اجتماع على الصحيح من أقوال أهل العلم، فلعلك تنشر هذه السنة المهجورة.
- لتكن حجتك للمسلمين أن الحكم بيننا وبينكم عند وقوع المخالفات هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقله الصحابة رضي الله عنهم بدقة متناهية، خاصة في الصلاة.
- وأخيرا، لا تنس أخي الحبيب أن هذا الولاية من أعظم ولايات الإسلام، فعظِّمْها، وأعطها حقها. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 15/11/1440هـ