جميع ما ورد في الحجر الأسود
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الوارد في الحجر الأسود كثير، منه ما هو في الصحاح، ومنه غيره، حتى الضعيف، ولعل الوارد فيه باختصار، مع شيء من فقه مسائله الآتي:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلمه ويقبله، فإن تعذر أن يقبله، استلمه بيده قبَّل يده، فإن تعذر استلمه بعصا، وقبَّل العصا، فإن تعذر أشار إليه بيده، وكبَّر، فالمراحل على هذا النحو: استلام وتقبيل للحجر، ثم استلام وتقبيل اليد، ثم استلام بالعصا وتقبيلها، ثم إشارة باليد، دون التقبيل، مع التكبير.
ويسن ذلك عند ابتداء أي طواف.
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ. صحيح.
وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم قبَّل وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت". صحيح.
والأرجح سنية السجود عليه واستحبابه، وهو قول جماهير أهل العلم، خلافا لمالك الذي قال ببدعية ذلك، وانفرد به، والأظهر أنه لم يقف على الحديث.
وصفة السجود: أن يضع جبهته عليه، بعد أن يقبِّله.
- أخرج مسلم في الصحيح أن عمر رضي الله عنه قبل الحجر والتزمه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا يؤيد هذا".
- أن مسح الحجر الأسود كفارة للخطايا. حسن الإسناد.
- أن الحجر الأسود نزل من الجنة. صحيح الإسناد.
- أنه كان أشد بياضا من اللبن، فسودته ذنوب وخطايا بني آدم. صحيح الإسناد.
وقد قيل: ولماذا لم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ّ! وأجيب: أنه لو أراد الله ذلك لفعله، لكن الله تعالى تركه لما أجراه من العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ، أو أن هذا ليكون عبرة لمن يراه، فإن كانت الذنوب سودت الحجر، فماذا صنعت بالقلوب؟!.
- أن الله تعالى يبعثه يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق. صحيح الإسناد.
- ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ.
ولم يثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس في الأثر حجة لمن قال بحلول الله تعالى في مخلوقاته! عياذا بالله، ولا لمن قال بتأويل الصفات، فإن المراد به أن تقبيل الحجر الأسود ومصافحته بمنزلة تقبيل يمين الله ومصافحته، كما ذكره ابن القيم رحمه الله وغيره، ولا يتبادر إلى أي ذهن صحيح أن الحجر صفة من صفات الله تعالى الحقيقية، وأنه يمين الله تعالى بين خلقه حقيقة! إنما المراد المشابهة، وهذا يفهمه كل عربي عاقل بمجرد سماعه، وليس هذا تأويلا للنص، إنما هو حمل له على معناه المتبادر للذهن ابتداء، كما يتبادر المعنى الصحيح إلى الأذهان من قوله: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) فالسامع يعلم بمجرد السماع أن المراد اللين والرفق، لا أن للذل جناحا!! ولا يقال: هذا متأوِّل! لأن هذا هو المعنى الصحيح الذي أصبح متقررا عند العرب، فيتبادر الذهن إليه مباشرة بمجرد السماع.
- في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، وقال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك".
وهذا يحقق التوحيد، وأنه لا وثنية في الإسلام، إنما فقط المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أثر منكر: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: " اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَبْكِي، فَقَالَ: "يَا عُمَرُ: هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ". وهو ضعيف جدا.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 13/12/1440هـ
الحجر الأسود وفقه مسائله
جميع ما ورد في الحجر الأسود
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الوارد في الحجر الأسود كثير، منه ما هو في الصحاح، ومنه غيره، حتى الضعيف، ولعل الوارد فيه باختصار، مع شيء من فقه مسائله الآتي:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلمه ويقبله، فإن تعذر أن يقبله، استلمه بيده قبَّل يده، فإن تعذر استلمه بعصا، وقبَّل العصا، فإن تعذر أشار إليه بيده، وكبَّر، فالمراحل على هذا النحو: استلام وتقبيل للحجر، ثم استلام وتقبيل اليد، ثم استلام بالعصا وتقبيلها، ثم إشارة باليد، دون التقبيل، مع التكبير.
ويسن ذلك عند ابتداء أي طواف.
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ. صحيح.
وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم قبَّل وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت". صحيح.
والأرجح سنية السجود عليه واستحبابه، وهو قول جماهير أهل العلم، خلافا لمالك الذي قال ببدعية ذلك، وانفرد به، والأظهر أنه لم يقف على الحديث.
وصفة السجود: أن يضع جبهته عليه، بعد أن يقبِّله.
- أخرج مسلم في الصحيح أن عمر رضي الله عنه قبل الحجر والتزمه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا يؤيد هذا".
- أن مسح الحجر الأسود كفارة للخطايا. حسن الإسناد.
- أن الحجر الأسود نزل من الجنة. صحيح الإسناد.
- أنه كان أشد بياضا من اللبن، فسودته ذنوب وخطايا بني آدم. صحيح الإسناد.
وقد قيل: ولماذا لم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ّ! وأجيب: أنه لو أراد الله ذلك لفعله، لكن الله تعالى تركه لما أجراه من العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ، أو أن هذا ليكون عبرة لمن يراه، فإن كانت الذنوب سودت الحجر، فماذا صنعت بالقلوب؟!.
- أن الله تعالى يبعثه يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق. صحيح الإسناد.
- ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ.
ولم يثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس في الأثر حجة لمن قال بحلول الله تعالى في مخلوقاته! عياذا بالله، ولا لمن قال بتأويل الصفات، فإن المراد به أن تقبيل الحجر الأسود ومصافحته بمنزلة تقبيل يمين الله ومصافحته، كما ذكره ابن القيم رحمه الله وغيره، ولا يتبادر إلى أي ذهن صحيح أن الحجر صفة من صفات الله تعالى الحقيقية، وأنه يمين الله تعالى بين خلقه حقيقة! إنما المراد المشابهة، وهذا يفهمه كل عربي عاقل بمجرد سماعه، وليس هذا تأويلا للنص، إنما هو حمل له على معناه المتبادر للذهن ابتداء، كما يتبادر المعنى الصحيح إلى الأذهان من قوله: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) فالسامع يعلم بمجرد السماع أن المراد اللين والرفق، لا أن للذل جناحا!! ولا يقال: هذا متأوِّل! لأن هذا هو المعنى الصحيح الذي أصبح متقررا عند العرب، فيتبادر الذهن إليه مباشرة بمجرد السماع.
- في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، وقال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك".
وهذا يحقق التوحيد، وأنه لا وثنية في الإسلام، إنما فقط المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أثر منكر: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: " اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَبْكِي، فَقَالَ: "يَا عُمَرُ: هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ". وهو ضعيف جدا.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 13/12/1440هـ
المادة التالية