الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن هذه المسألة يختلف حكمها بشكل كبير من امرأة لرجل.
فإن كان المشتري امرأة، وتشتري من امرأة فلا بأس مطلقا، أو تشتري ممن لا تلزمه صلاة الجمعة، كصبي دون البلوغ ونحوه، أو رجل في محله، مقعَدٍ، لا يقوى على الذهاب لصلاة الجمعة، فلا بأس أيضا.
ولا تشتري عل الصحيح من رجلٍ مطالبٍ بصلاة الجمعة، فإن هذا فيه الإثم من ناحيتين: الأول: معاونته على ترك الصلاة، وهو من التعاون على الإثم والعدوان، والثاني: إيقاعه في بيع محرم مأمور بتركه، فتدخل عليه المال بطريق محرم.
كما أنه لو كانت المرأة هي البائع، فلا يجوز لها أيضا البيع لرجل مطالب بصلاة الجمعة، ويحل أن تبيع لامرأة، وصبي لا تلزمه الجمعة، أو لرجل غير مطالب بالجمعة.
أما الرَّجُل، فلا يجوز له مطلقا البيع أو الشراء بعد النداء الثاني للجمعة، إلا إن لم يطالب بصلاة الجمعة، عملا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] فإن الله تعالى أمر بترك البيع، وهو مستلزم للأمر بترك الشراء؛ إذ لا بيع إلا بشراء، فاكتفي بذكر أحدهما لاستلزامه للآخَر، والأمر بترك البيع عند نداء الجمعة الذي يخرج بعده الإمام مستلزِمٌ لبطلان البيع والشراء، وإن بطل البيع والشراء لم يترتب عليهما آثارهما من انتقال الملك إلى البائع في الثمن، ولا إلى المشتري في السلعة، وهذا من أعظم ما يكون حرجا عليهما، وما أوقع فيه إلا الجهلُ العظيمُ الذي يعيشه الناس، سيما مع أئمةٍ لا ينبهون الناس على ذلك.
وأما من قال: إن البيع يصح، وتترتب عليه آثاره، من انتقال الملك في العِوَضين، فهذا غير صحيح، مصادم للآية، مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) إذ لو صححنا له البيع بعد أن أمر الشارع بتركه صادَمَنا الشرعَ بذلك، فالأمر بتركه أمر بإعدامه، وتصحيحنا له يوجب إيجاده، وهذا مصادم لمراد الشرع.
والواجب على الناس التعاون على البر والتقوى، وعدم الشراء البتة من الباعة الرجال الذين تلزمهم الجمعة، وهم الأكثرون قطعا أثناء الخطبة أو الصلاة، وتعزيرهم بذلك، مع ضرورة التنبيه عليهم بتحريم البيع ذلك الوقت، ونصحهم بالدخول إلى المساجد.
والخلاصة:
- أن الرجل لا يجوز له البيع والشراء مطلقا، أثناء الخطبة أو الصلاة، إن كان مطالبا بالجمعة، ويجوز فيما لو لم يكن مطالبا بها.
- أن المرأة يجوز أن تشتري من امرأة مثلها أو صبي لا تلزمه الجمعة، أو رجل لا يطالب بصلاة الجمعة، وكذا لو كانت هي البائع، فيباح لها ذلك جميعا، ويحرم عليها البيع والشراء على رجل تلزمه الجمعة.
والله ولي التوفيق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 30/1/1441هـ
خزانة الفتاوى / الصلاة / حكم الشراء من الباعة أثناء خطبة أو صلاة الجمعة
حكم الشراء من الباعة أثناء خطبة أو صلاة الجمعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن هذه المسألة يختلف حكمها بشكل كبير من امرأة لرجل.
فإن كان المشتري امرأة، وتشتري من امرأة فلا بأس مطلقا، أو تشتري ممن لا تلزمه صلاة الجمعة، كصبي دون البلوغ ونحوه، أو رجل في محله، مقعَدٍ، لا يقوى على الذهاب لصلاة الجمعة، فلا بأس أيضا.
ولا تشتري عل الصحيح من رجلٍ مطالبٍ بصلاة الجمعة، فإن هذا فيه الإثم من ناحيتين: الأول: معاونته على ترك الصلاة، وهو من التعاون على الإثم والعدوان، والثاني: إيقاعه في بيع محرم مأمور بتركه، فتدخل عليه المال بطريق محرم.
كما أنه لو كانت المرأة هي البائع، فلا يجوز لها أيضا البيع لرجل مطالب بصلاة الجمعة، ويحل أن تبيع لامرأة، وصبي لا تلزمه الجمعة، أو لرجل غير مطالب بالجمعة.
أما الرَّجُل، فلا يجوز له مطلقا البيع أو الشراء بعد النداء الثاني للجمعة، إلا إن لم يطالب بصلاة الجمعة، عملا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] فإن الله تعالى أمر بترك البيع، وهو مستلزم للأمر بترك الشراء؛ إذ لا بيع إلا بشراء، فاكتفي بذكر أحدهما لاستلزامه للآخَر، والأمر بترك البيع عند نداء الجمعة الذي يخرج بعده الإمام مستلزِمٌ لبطلان البيع والشراء، وإن بطل البيع والشراء لم يترتب عليهما آثارهما من انتقال الملك إلى البائع في الثمن، ولا إلى المشتري في السلعة، وهذا من أعظم ما يكون حرجا عليهما، وما أوقع فيه إلا الجهلُ العظيمُ الذي يعيشه الناس، سيما مع أئمةٍ لا ينبهون الناس على ذلك.
وأما من قال: إن البيع يصح، وتترتب عليه آثاره، من انتقال الملك في العِوَضين، فهذا غير صحيح، مصادم للآية، مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) إذ لو صححنا له البيع بعد أن أمر الشارع بتركه صادَمَنا الشرعَ بذلك، فالأمر بتركه أمر بإعدامه، وتصحيحنا له يوجب إيجاده، وهذا مصادم لمراد الشرع.
والواجب على الناس التعاون على البر والتقوى، وعدم الشراء البتة من الباعة الرجال الذين تلزمهم الجمعة، وهم الأكثرون قطعا أثناء الخطبة أو الصلاة، وتعزيرهم بذلك، مع ضرورة التنبيه عليهم بتحريم البيع ذلك الوقت، ونصحهم بالدخول إلى المساجد.
والخلاصة:
- أن الرجل لا يجوز له البيع والشراء مطلقا، أثناء الخطبة أو الصلاة، إن كان مطالبا بالجمعة، ويجوز فيما لو لم يكن مطالبا بها.
- أن المرأة يجوز أن تشتري من امرأة مثلها أو صبي لا تلزمه الجمعة، أو رجل لا يطالب بصلاة الجمعة، وكذا لو كانت هي البائع، فيباح لها ذلك جميعا، ويحرم عليها البيع والشراء على رجل تلزمه الجمعة.
والله ولي التوفيق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 30/1/1441هـ
المادة السابقة
المادة التالية