خزانة الفتاوى / الحديث / معنى قوله ﷺ في العمل للميت: ( أو ولد صالح يدعو له)

معنى قوله ﷺ في العمل للميت: ( أو ولد صالح يدعو له)

تاريخ النشر : 17 ربيع آخر 1441 هـ - الموافق 15 ديسمبر 2019 م | المشاهدات : 3251
مشاركة هذه المادة ×
"معنى قوله ﷺ في العمل للميت: ( أو ولد صالح يدعو له)"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد .
 فقد سألني بعض الأفاضل عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الميت: ( أو ولد صالح يدعو له) ويقول: ينتفع الميت بالدعاء وكلام البشر ولا ينتفع بكلام الله تعالى؟! 
وهل يمكن أن يصله أجر كلام البشر، ولا يصله أجر كلام الله المقروء له؟ 
والجواب: أخي الكريم، يجب أن تعلم الآتي: 
أولا: فرق كبير بين الدعاء للغير الذي حث عليه الشرع، وبالغ فيه، وبين العبادة والعمل ووهب ثوابه للغير، هذا من حيث الأصل.
فالدعاء للغير ندبه الشارع للعبد، حيًّا كان أم ميتا، بل ووكَّل لمن يدعو بالغيب للحي مَلَكا يؤمن على دعائه، ويقول: ولك بمِثْلٍ، وأما الدعاء للميت فهو في الحديث الذي ذكرته، رغب فيه الشارع، في سياق الكلام على أفضل ما ينفع الميت بعد موته، وأيضا الملك يدعو للداعي: ولك بمثل، فيحصل بالدعاء للميت انتفاع الداعي والمدعو له.
أما العمل للميت، ثم وهبه الأجر، فهو من حيث الأصل جاء به الشرع في حدود ضيقة، ومواضع خاصة، ولم تثبته في غيرها، مع كثرة الأعمال في الإسلام، فلم تشرعه في الصلاة أو الطهارة أو القراءة أو الذكر .. إلخ، فلم يَرِد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يذكروا الله مثلا، مع وهب ثواب هذا الذِّكر للميت، ولا أمر بذلك في قراءة القرآن، ولا الصلاة.
إنما رخص الشارع في ذلك في مواضع محدودة، وسكوته عن غيرها يدل على اختصاص الأمر بها، مع التنبه لكون العامل للميت، ينفع الميتَ فحسب، ولا ينتفع هو بعمله، بخلاف الدعاء كما سبق!
ثانيا، وهو ما يعنيك في سؤالك: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفصح الخلق، وأعلمهم بمراد الله تعالى من خلقه، ولو أراد أن يقول صلى الله عليه وسلم: (أو ولد صالح يقرأ له القرآن أو يتلو له أو يذكر له الله) لقالها! فما الذي يمنعه، مع ما عُلم من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ما ينفع المسلمين، أحياء وأمواتا؟!!
ثالثا: نحن لم ننازع أصلا في وصول الأجر، فقد بينت فيما كتبته في هذا الشأن أنه يرجى أن يصل الأجر للميت، دعاءً وتلاوةً، وفضل الله تعالى واسع.
إنما النقاش في الطريقة والهدي، فهي مخالفة تماما لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه رضي الله عنهم.
رابعا: إن أردت أن تفهم من قوله: (ولد صالح يدعو له) أي: يقرأ له القرآن، أو يتلو له، ونحوه، فهذا لا يكاد يوافقك عليه أحد، فهو مخالف صريحا للفظ، وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس عاجزا أو ممنوعا من أن يقول: ( ولد صالح يتلو له)!!
خامسا: ثم أخي، ألا تكتفي بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم، أم تستقِلَّه، ولا تراه أنسب للميت، وترى بعميق تفكيرك أن التلاوة للميت أفضل مما ورد في توجيه ونصح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وأنه إن نفعه الدعاء فلتنفعه القراءة، ءأنت أعلم بهذا أم رسول الله صلى الله علي وسلم؟!
فرسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق، ولا ينطق لسانه عن الهوى، ويأتي صلى الله عليه وسلم بما يعجز عنه غيره مما يوافق الحكمة، ويحصل به الخير كله، ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر! فقال صلى الله عليه وسلم: (سألت الله البلاء؛ فسله العافية) وهذا من النبوة، فإن سؤال الله تعالى الصبر قد يبدو جميلا للشخص، لكن عند التأمل، فإن الصبر معناه بقاء البلاء، مع الصبر عليه!! بينما لو سأل الله تعالى العافية، فقد سأل الله رفع البلاء، والمعافاة منه، فهذا أعظم، لكنه قد يغيب عنا، وتأتي الشريعة لتصحح المفاهيم، كتابا أو سنة.
وفي الأخير أدعو الله تعالى أن يمنَّ وعلينا وعليكم باتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الزيغ والضلال في فهم كلامه، أو كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
والله الموفق .
 كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
  في 15/4/1441هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف