الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن ترتيب الفوائت واجب، ولو في وقت الحاضرة، التي لا يخشى خروج وقتها، في قول عامة أهل العلم، فإن خشي فوات وقت الحاضرة، فقد وقع الخلاف:
فذهب الشافعي وأبو حنيفة ورواية لأحمد إلى وجوب البدء بالحاضرة، ثم الفوائت مرتبة، حتى لا تكون الحاضرة فائتة أيضا، وهذا وجيه.
فأجبوا الترتيب، وإنما أسقطوه في الحاضرة التي يخشى فوات وقتها، ويأثم عند الشافعي لو أخر الحاضرة عن وقتها في تلك الحال.
وذهب مالك ورواية لأحمد إلى وجوب الترتيب بين الفوائت، حتى لو خرج وقت الحاضرة، لعموم أدلة الشريعة على وجوب الإتيان بالصلوات مرتبة.
وهؤلاء أوجبوا الترتيب مطلقا.
والأول أرجح.
صورة ذلك: من فاته الظهر والعصر لعذر، ثم تذكرهما وقت المغرب، فإن كان الوقت متسعا للمغرب وغيرها، فإنه يبدأ بالظهر والعصر، ثم المغرب، وإن خشي خروج وقت المغرب، بدأ بها، ثم قضى الفائتتين مرتبتين.
ومن فاتته الظهر، ثم أدرك العصر في جماعة، فإنه يدخل بنية الظهر، ثم يصلي العصر.
أما لو أدرك المغرب في جماعة، وقد فاتته العصر، فإما أن يصلي العصر أولا، مع جماعة المغرب، ويزيد ركعة بعد الإمام، أو يصلي المغرب مع الجماعة، ثم يتبعها بصلاة العصر، والأول عندي أقرب.
وهل يعيد المغرب مرة ثانية؛ حرصا على الترتيب؟ قولان في المسألة، والأرجح لا؛ فإن الله تعالى لم يوجب على العبد الصلاة مرتين، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله.
تنبيه: لا يجوز للمسلم إخراج الصلاة عن وقتها، بل يسعى إلى أدائها في وقتها، إلا من عذر قوي، فالوقت أكد أركان الصلاة، كما أن من صلى الفجر بعد طلوع الشمس بغير عذر، فقد صلاها بعد وقتها، وهذا أكثر ما يتهاون فيه الناس، وهو من أعظم الكبائر.
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 1441/6/30هـ