خزانة الفتاوى / الصلاة / التباعد بين المصلين في صفوف الجماعة في المساجد، من أجل كورونا

التباعد بين المصلين في صفوف الجماعة في المساجد، من أجل كورونا

تاريخ النشر : 19 جمادى آخر 1442 هـ - الموافق 02 فبراير 2021 م | المشاهدات : 537
مشاركة هذه المادة ×
"التباعد بين المصلين في صفوف الجماعة في المساجد، من أجل كورونا"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن فضل الصلاة في جماعة في المساجد لا يخفى على أحد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ: (مَنْ غَدا إِلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّه لهُ في الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) مُتَّفَقٌ عليه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضى إِلى بيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرائِضِ اللَّهِ، كانَتْ خُطُواتُهُ، إِحْدَاها تَحُطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرى تَرْفَعُ دَرَجَةً). رواه مسلم.
وعن أُبَيِّ بنِ كعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لاَ أَعْلم أَحدًا أَبْعدَ مِنَ المسْجِد مِنْهُ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ، فَقيلَ لَهُ: لَوِ اشتَريْتَ حِمَارًا ِتَرْكَبهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ، قالَ: مَا يَسُرُّني أَنَّ مَنْزلي إِلى جنْبِ المَسْجدِ، إِنِّي أُريدُ أَنْ يُكتَب لِي مَمْشاي إِلى المسْجِدِ، وَرجُوعِي إِذا رَجَعْتُ إِلى أَهْلي. فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: (قَدْ جَمَع اللَّه لكَ ذَلكَ كُلَّه) رواه مسلم.
فهذا الفضل العظيم حريٌّ أن يحرص عليه المسلم، ولا يضيعه أبدا،
أما الصلاة مع تفرق الصفوف، فهو مقام اقتضته الضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، فهذا التباعد يحقق مصلحة عظيمة، شرعية وحسية.
أما الشرعي منها، فهو دفع العدوى وانتشارها قدر الاستطاعة، وهذا من مطالب الشريعة.
وأما الحسي، فإن هذا المرض ليس وَهْما، إنما هو حقيقة، فلا يجوز التساهل في أمره، بل الواجب أخذ الحذر قدر الاستطاعة، مع كمال التوكل على الله تعالى، وأن الأمر كله بيد الله تعالى.
فإن التوكل الكامل يستلزم الأخذ بالأسباب، فهذا سيد المتقين، وسيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم، يدخل الحرب وعليه الدرع والخوذة وغيره من آلات الحرب، وهو أعظم مَن توكل الله تعالى، صلوات الله وسلامه عليه.
أما كلام بعضهم، بأن هذا التباعد يمارس فقط في المسجد، إنما في المترو مثلا، أو الدوائر الحكومية، فلا أحد يلتزم!! 
فهذه ممارسات خاطئة، وعدم مسؤولية، فهل لكونها تمارس هناك ننقلها للمسجد!! فأي حكمة في ذلك؟! فمادمنا نستطيع أن نلتزم بهذا التباعد في مكان فهو الواجب، ولن يعود على الجماعة بالسلب أو نقص الأجر ونحوه، بالعكس، فهو من جنس القعود في الصلاة، لعدم القدرة عليه، فتلك ضرورة، ومن جنس التيمم لعدم القدرة على الماء، فتلك ضرورة، والأجر في الجميع كامل لهم.
كما أن المتقرر في قواعد الشرع أن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، فالحمد لله قدرنا على صلاة الجماعة في المسجد، وهذا خير وفضل عظيم، لكننا عجزنا عن الوقوف مع التقارب، فعدم القدرة عليه لا يعني ترك الجماعة، ومؤسف جدا أن أجد البعض ترك الجماعة في المسجد، لأنه متأذٍ من شكل الصف!!فيضيع على نفسه ذلك الفضل العظيم، لهذا النقص الموهوم!
فالزم أخي المسلم الحبيب الصلاة في المسجد، ولا يضرك هذا التباعد بين المصلين، فإنه إن كان يحقق مصلحة عدم نقل العدوى، فهو واجب إذن.
تنبيه: على من علم في نفسه إصابته بالمرض، أن يجنب المسلمين أذاه، وأن يلزم بيته، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يورِد ممرضٌ على مصحٍّ، وهو إلى الإثم بذلك أقرب، ولو صلى في بيته لمرضِهِ أصاب أجرَ الجماعة كاملا، ودفع أذاه عن المسلمين، فحصل له الخير من جهتين.
والله تعالى أعلم 
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 7/6/1442هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف