الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن هذا الكلام لا دليل على من كتاب ولا سنة، ولم يزل النساء والرجال يزورون القبور في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه لا يخلو الأمر من امرأةٍ حائضٍ أو رجلٍ أو امرأةٍ جُنُبًا، فهذا مع كثرته وغلبة وقوعه، لو كان يعود بالسلب أو المنع من زيارة المقبرة، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في الحديث: (نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا) فالنهي عام، ولم ينبه الحائضَ أو النفساءَ على أمر آخر يتعلق بالزيارة.
ولما انسل أبو هريرة رضي الله عنه عن السير مع الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه جنبا رضي الله عنه، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجَسُ"، وأقرَّه على المشي في طرق المدينة جنبا، ولم ينبهه أن هذا منهي عنه في المقابر لحرمتها، كما يزعمون!!!
وفي الجملة فإن الحائض والنفساء والجنب، حَدَثُهم معنويٌّ، لا يلزم منه نجاسة أبدانهم، أو امتناعهم عن مكان دون آخر، إلا المسجد، والحديث الوارد في ذلك ضعيف، وليست المقابر كالمساجد قطعا، فحرمة المسجد أعظم من أكثر من وجه.
نعم، للقبور حرمة وتعظيم، فقد قام الدليل على منع الصلاة إلى المقابر، وتحريم الجلوس عليها، ومنع المشي منتعلا بينها، والتسليم على أهلها عند الزيارة .. إلخ، فإن نُصَّ على ذلك، وَطَالَهُ النهيُ دل على إباحة ما سواه.
والواجب على المسلم أن يعلم أنه لا يمنع من شيء إلا بدليل من الشرع، ومن زعم خلاف ذلك طُولب هو بالدليل، الناقل عن الإباحة والحل إلى الحظر والمنع.
والله ولي التوفيق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 30/3/1443هـ