هل للمرأة نصف مال زوجها أو نصف التركة، فيما لو ساعدته أيام فقره، بعمل ونحوه، ثم اغتنى أو مات عن تركة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الأصل أن النفقة واجبة على الزوج لزوجته، مهما كان فقيرا، وكانت هي غنية، ففيما لو كان فقيرا، ولم يقوَ على النفقة، وهي غنية بمالها أو كسبها من عمل ونحوه، فهي بين أمرين:
إما أن تطالبه بالنفقة، فإن عجز عنها كان لها فسخ النكاح بالإعسار.
وإما أن تخشى على بيتها وزوجها، وتُبقِي عليهم، فتنفق هي على البيت والأولاد والزوج، وهي بين أمرين في تلك الحال:
الأولى: أن تنفق متبرعة متصدقة عليهم، وكما جاء في الحديث الصحيح: (زوجك وولدك أحق من تصدقتِ عليهم) فهو عمل جليل مندوب لها، وهي مأجورة على ذلك، وقد وضعت الصدقة في أحسن مواضعها، وليس لها في تلك الحال المطالبة بهذ المال، لا من مال زوجها حال غناه، ولا من تركته، فيما لو مات عن تركة، بل عَقْدها مع الله تعالى، وأجْرُها على الله تعالى.
الثانية: أن تنفق عليهم بنية الرجوع على الزوج، أي: أنها تقرض زوجها هذا المال، حتى القدرة عليه، ويشترط مع هذه النية رضا الزوج بالقرض، في تلك الحال، فإن رضيه كان المال في ذمته، يؤخذ منه حال غناه أو من تركته بعد موته، وإن لم يرضَ، فليس لها إلا أن تفسخ العقد، أو تتصدق على أولادها وزوجها.
كذلك المرأة التي تعمل وتُعِين زوجَها، وهو قادر على النفقة، فهي أيضا بين هذين الحالين: إما أن تعمل بنية الصدقة على بيتها وزوجها وولدها، فليس لها شيء بعد ذلك؛ إذ قد خرج منها بنية الصدقة.
وإما أن تنوي الادخار مع زوجها، أو إقراضه بشرط رضاه، فلها الحق في المطالبة بكل مالها، سواء المُدَّخَر أو القرض.
فهذا هو العدل في تلك المسألة، وليس كما شاع مؤخرا أن المرأة التي تعمل مع زوجها، وتَكِدُّ، من أجل البيت والأولاد، أن لها نصف التركة!! فهذا الكلام غير دقيق، وغير علمي، ومخالف لقسمة الله تعالى التركات في كتابه العزيز، حيث إن نصيب المرأة من تركة زوجها، بين الربع والثمن، لا أكثر.
لكن لها وجوبا أن تأخذ من التركة ما ادخرته مع زوجها، ويكون بمثابة القرض في ماله، أو ما أقرضته زوجَها، وكلاهما يكون مُقدَّما على توزيع الإرث على مستحقيه، كما قال تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دَيْن) فالدَّيْن مُقدَّم على ما سواه، من وصيةٍ وإرثٍ، كما هو قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكونه أسبقَ إلى المال من حق الورثة.
على أننا نوصي الزوج الذي أعانته زوجته بنفسها وعملها ومالها، أن يتقي الله تعالى فيها، وأن يحسن إليها، ولا ينسى لها هذا المعروف، وتلك النفس الكريمة التي ارتضته فقيرا مُعدَما، وكانت بجانبه، وكذلك معاونتها له حال غناه، فحقها عظيم، وفضلها كبير، ولا ينبغي له بعد ذلك معاملتها بالسوء، أو جحد ما قامت به من أجله، ومن أجل ولده.
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 16/7/1443هـ