الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فقد ورد النهي عن الكتابة على القبر، قال جابر رضي الله عنه: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه) فهذا النص واضح في تحريم تلك المذكورات كلها، وفيه الكتابة، غير أن الكتابة محمولة على الكتابة التي عهدت في الجاهلية، من الكتابة التي يراد به التباهي والمديح وربما الثناء على الميت بذكر أعماله ونحوه !!! أما الكتابة التي يراد بها التعريف بصاحب القبر، دون التوسع في ذلك، يعني فقط يكتفى باسمه، فهذه لا بأس بها، فهي حينئذ من جملة ما يتعرف به على القبر، لا غير.
ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم : (وضع صخرة عند رأس عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وقال: أتعلَّم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي) إسناده حسن.
فما كان من جنس ذلك، وهو إرادة تعليم المكان، حتى يسهل الوصول إليه ونحوه، فلا بأس.
وكلما تمكن العبد من تعليم القبر بطريق غير الكتابة فهو الأولى، بُعدًا عن النهي الوارد في حديث جابر رضي الله عنه السابق.
تنبيه: الدعاء للميت يتحقق ويحصل به كمال الأجر والثواب، بحصوله من أي مكان، وليس من ضروراته زيارة قبر الشخص نفسه، إنما المشروع زيارة القبور لحصول العبرة والعظة وتذكُّر الدار الآخرة، وتحقيق السنة بزيارة القبور، فالمنتفع حقيقةً من الزيارة هو الزائر، أما الميت، فهو ينتفع بدعائك حيث كنت.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 26/1/1445هـ