القسم الثالث من التعصيب: التعصيب مع الغير.
وهو اجتماع البنات مع الأخوات الشقيقات أو الأخوات لأب، دلت عليه السنة الصريحة، حيث قضى ابن مسعود رضي الله عنه بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فيمن هلك عن بنت وبنت ابن، وأخت شقيقة، فأعطى البنتَ النصفَ، والسدسَ لابنة الابن، تكملةَ الثلثين، وللأخت الشقيقة الباقي.
فورَّث الشقيقة مع وجود ولد للمتوفي، وهو البنت وبنت الابن.
فهو قسم أشبه باستنثاء في علم المواريث.
وقد وقع النزاع في توريث الأخوات الشقيقات أو لأبٍ، في هذه الصورة، على النحو الآتي:
الأول: قول الجمهور: يأخذ البنات نصيبهن، ثم الباقي للأخوات الشقيقات أو لأب، عملا بالحديث السابق.
الثاني: مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن الأخوات لا يرثن مطلقا، حال وجود ولد للميت، سواء كان ذكرا أم أنثى؛ لأن الله تعالى لم يورث الأخت إلى في الكلالة، والكلالة لا ولد، ولا والد، والولد موجود في هذه الصورة، وهو بنت الميت.
الثالث: مذهب إسحاق بن راهويه، واختار ابن حزم، أن الشقيقات أو لأبٍ، يرثن مع البنات الباقي، مثل قول الجمهور، إلا إن وجد معصب ذكر، كأخ شقيق أو عم ونحوه، فيأخذ هو الباقي، دون الأخوات، لحديث ابن عباس: (ألحقوا الفرائض بأهلها .. الحديث).
والراجح قول الجمهور، وعليه العمل.
وصورة هذه المسألة لا تخلو من الآتي:
- بنات مع شقيقات أو لأب، فللبنات نصيبهن، والباقي للشقيقات.
- وجود من يحجب الشقيقات أو لأبٍ، من أبٍ للميت أو ابنٍ ذكرٍ، له، فلا ترث الأخوات نهائيا، فيحجبن بالفرع الوارث الذكر، أو الأصل الوارث الذكر.
- وجود من لا أثر له على الأخوات أصلا، كالزوج أو الزوجة أو الأم أو الجدة أو الأخوة لأم، فلكل من هؤلاء نصيبه، وللبنات نصيبهن، فإن بقي شيء فهو للأخوات.
- وجود أخ مساوٍ في الدرجة مع الأخوات الشقيقات أو لأب، فيأخذوا الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، فتنتقل المسألة من تعصيب مع الغير إلى تعصيب بالغير.
وبكل حال: لا ترث الشقيقة أو لأب، حال وجود البنات ومع الفريقين غيرهم، فلا ترث الأخوات بالفرض البتة، إنما بالتعصيب مع الغير، كما سبق تقريره أعلاه.
تنبيه: تقام الشقيقة في التعصيب مع الغير مُقام الأخ الشقيق، فإن هلك عن بنات، وأخت شقيقة، وأخ لأب، فإن الشقيقة تحوز الباقي، ويسقط الأخ لأب، فلا يسقطها، ولا يعصبها بالإجماع، ومن باب أولى لو وجد ابن أخ، أو عم أو ابن عم.
والله الموفق
كتبه د. محمد بن موسى الدالي
في 4/2/1445هـ