الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إن أصاب المسلمين نازلةٌ، وعظم أمرها قام فدعى على الظالمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما رفَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رأسَه منَ الركعة قال: اللهمَّ أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشامٍ، وعَيَّاشَ بن أبي رَبيعة، والمُستَضعَفين بمكة، اللهمَّ اشدُدْ وَطأتَك على مُضَر، اللهمَّ اجعَلْها عليهم سِنينَ كسِني يوسُف) رواه البخاري.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أنَّ رِعْلًا وذَكْوان وعُصَيَّةَ وبَني لَحْيان، اسْتَمَدُّوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على عدوٍّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل، حتى إذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقنت شهراً يدعو في الصبح على أحياء من أحْياء العرب: على رِعل وذَكْوان وعُصَيَّة وبني لحيان) رواه البخاري.
ويشرع هذا في الصلوات الخمسة، فعند أبي داود بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قَنَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو على أحياء من بني سليم .. الحديث).
ثم السنة في هذا الدعاء هو الدخول في دعاء النازلة التي حلَّت مباشرة، وليس كما يصنع الأئمة الآن، يأتون بمقدمات طويلة، كما لو كانوا في التراويح!! ثم يطيلون الدعاء لعموم المسلمين، وربما جعلوا الدعاء لأهل غزة، الذين هم بالفعل سبب الدعاء، ونازلتهم هي أعظم النوازل، فيجعلونه آخر الدعاء!! ثم يتفننون في السجع والإطالة، فلا تكاد تستحضر قلبك في الدعاء، من طوله وكثرة السجع فيه.
وكان الأولى مباشرة أن يقولوا: اللهم أنْجِ أهل غزة، اللهم اجبر كسرهم، وارحم ضعفهم، واشفِ مرضاهم، واكسهم وأطعمهم ونحوه، اللهم اشدُد وطأتك باليهود، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الظالمين، ونحوه من الدعاء، ثم يختم.
فلا يتجاوز بدعائه ذلك، بل جُمَلٌ معدودةٌ، مع استحضار قلب، وإلحاح على الله تعالى.
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 8/6/1445 هـ