الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فقد شاع مؤخرا بين الأئمة، قراءة جزء من سورة الكهف، وجزء من سورة الجمعة، في عشاء ليلة الجمعة، أو فجرها، وليس لهذا أصل من الشرع البتة، إنما المحفوظ قراءة الكهف في نهارها أو ليلتها خارج الصلاة، وقراءة سورة الجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة!
فهذا هو الوارد المحفوظ من هديه صلى الله عليه وسلم، أما قراءة المذكور ليلة الجمعة، فلم يثبت من هديه صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم البتة، فهذا من جنس البدع، ويُنبَّه على فاعله بلزوم تركه، والالتزام بالسنة، قال حرب الكرماني للإمام أحمد: يقرأ ليلةَ الجمعة في العتمة بسورة الجمعة، وسبِّح؟ قال: لا، لم يبلغني في هذا شيءٌ، وكأنه كره ذلك"، وفي جواب آخر لأحمد أباحه، بشرط ألا يكون عادة ويدمنه، فلا يتخذه سنة!
كما أن كل الوارد في فضل ذلك ضعيف، لم يثبت، من نحو قول أبي سنان عن حبيب بن أبي ثابت، قال: " كانوا يستحبون أن يقرؤوا ليلة الجمعة سورة الجمعة؛ كي يعلم الناس أن الليلة ليلة الجمعة"، وهو ضعيف، ولم يحفظ عن التابعين ذلك.
فالأولى: إما تركه بالكلية، أو قراءة ذلك بين الحين والآخر، لا يتَّخذه سُنةَ، كما هو قول الإمام أحمد رحمه الله، مع كون الترك أفضل في مجتمع مسلم يشوبه الجهل، فيتبع العامةُ الإمامَ دون تحرٍّ، مع اعتقادهم أن ذلك من السنة!
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 5/1/1446هـ