حكم أكل النِّيص
هل يجوز أكل حيوان النِّيص ، وهو حيوانٌ أكبرُ
من القُنفذ، يحمل شوكاً فوق ظهره ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الأصل في الحيوانات كلها
الحلُّ، حتى يقوم الدليل على التحريم، قال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ
إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145].
وأبرز أصول التحريم في هذا الباب أن يكون الحيوان ذا نابٍ، يفترس به، فعن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلِّ
ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ» أخرجه مسلم.
أو ينص الشرع على تحريمه بعَيْنه،
كالحمار الإنسيِّ والبغلِ، فعن جابر رضي الله عنه قال: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ
خَيْبَرَ لُحُومَ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ وَلُحُومَ الْبِغَالِ »رواه أحمد، وحسنه
الأرناؤوط، أو يكون الحيوان مما يطعم النجاساتِ؛ فيحرم لخُبثه.
أما النيص الوارد في السؤال، فقد ذكر أهل اللغة أنه نوع ضخم من القنافذ،
وقد وقع خلاف بين أهل العلم في القنفذ، فذهب المالكية والشافعية إلى جوازه، لما روي
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن القنفذ؟ فتلا قوله تعالى: { قُلْ لَا
أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } الآية، ولأنه
مستطاب لا يتقوَّى بنابه، فحل أكله كالأرنب، وذهب الحنفية والحنابلة إلى تحريمه،
واستدلوا لذلك بزيادة في الأثر السابق ؛ حيث قَالَ شَيْخٌ عِنْدَ ابن عمر رضي الله
عنهما : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ : "ذُكِرَ - أي:
القنفذ - عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : إنَّهَا
خَبِيثَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ"، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: ( إنْ كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا فَهُوَ كَمَا قَالَ).أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، ضعَّفه البيهقي وغيره من أهل العلم.
فالأرجح أن النِّيص حلال، اتباعا للأصل وهو الحلُّ، ولم يقُمْ من أدلة الشرع ما ينقل عن هذا
الأصل.
والله الموفق
كتبه:
د.محمد بن موسى الدالي
في
27/2/1437هـ