حكمُ أكلِ الضبعِ
ما حكمُ أكلِ
الضبعِ ؟
الجواب :
الحمد لله رب
العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد اختلف أهل
العلم في أكل الضبع على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أنه
جائز، وهو قول الشافعية والحنابلة، وأبي يوسف من الحنفية، وقد روي عن جمع من
الصحابة، كعلي وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
واستدلوا لذلك بحديث ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ:
قُلْتُ لِجَابِرٍ رضي الله عنه: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ
: آكُلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ: قُلْتُ : أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . رواه أحمد وأبو داود الترمذي ، وصححه.
والحديث نصٌّ في
أن الضبع صيد حلال.
القول الثاني:
تحريم أكل الضبع، وهو قول الحنفية، مستدلين لذلك بحديث أبي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ
رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ
أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ ) رواه مسلم.
والضبع ذو ناب من
السباع، فيدخل في النهي.
وقد أجاب عن ذلك
ابن القيم رحمه الله، فقال: " إنما حرم ما اشتمل على الوصفين : أن يكون له ناب
، وأن يكون من السباع العادية بطبعها ، كالأسد والذئب والنمر والفهد ، وأما الضبع فإنما
فيها أحد الوصفين ، وهو كونها ذات ناب ، وليست من السباع العادية ، ولا ريب أن السباع
أخص من ذوات الأنياب ، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي
بها شبهها ، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي ، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد
والنمر والفهد ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم ، ولا تعد الضبع من
السباع لغة ولا عرفا ". انتهى من إعلام الموقعين.
كما نقل ابن بطال
في شرحه على صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يرى بأسًا بأكل الضبع،
ويجعلها صيدًا، وعن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وجابر وأبي هريرة، مثله، وقال
عكرمة: لقد رأيتها على مائدة ابن عباس، وبه قال عطاء ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.انتهى.
القول الثالث: كراهة
أكل الضبع، وهو مذهب المالكية، ولا يبلغ بها التحريم للاختلاف فيها، كما أن بعضهم
يحمل النهي في حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه على الكراهة دون التحريم.
الترجيح:
الراجح هو قول
الجمهور بإباحة أكل الضبع؛ وذلك لصراحة حجته، وكون حديث أبي ثعلبة الخشني عامًّا
مخصوصا بحديث جابر رضي الله عنهما.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 27/2/1437هـ