قضاءُ رمضان للمرأة الحامل والمرضع
زوجتي تركت أياما من رمضان ثم حملت ووضعت وأرضعت،
ولم تجد مُتَّسِعًا من الوقت للقضاء ، فما الواجب عليها؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذه المسألة وقع فيها النزاع على عدة أقوال ،
فأكثر أهل العلم على وجوب القضاء على من أفطرت لحمل أو رضاع، مع تفصيل في وجوب الكفارة ، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ،
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب الإطعام، دون القضاء، وهو مروي عن ابن عباس وابن
عمر رضي الله عنهم.
والصحيح أن الواجب عليهما القضاء، ولا يجب
الإطعام إلا عند العجز التام، فهذا هو المتماشي مع قواعد الشرع في هذا الباب،
وبيانه أنه إذا كان المريضُ - وهو من ورد في حقه الرخصةُ نصًّا في كتاب الله تعالى-
لم يسقطِ اللهُ عنه القضاءَ، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فمن ثبت حكمُه
بالقياس على المريض من باب أولى.
كما أنه لا وجه لإلحاقهما بالعاجز عن الصوم تماما
، كالشيخ الكبير، أو من به مرضٌ مزمنٌ يمنعه من الصوم، فأصول الشرع أن المريض ومن
عجز عن الصوم لفترة ، ثم أصبح قادرا على الصوم أنه يجب عليه القضاء.
ويؤيد ذلك من السنة حديث أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ
الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ وَالصَّوْمَ
، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ) أخرجه
النسائي، وصححه الألباني ، وهذا صريح في جعل حكم الحامل والمرضع كالمسافر، ومعلوم
أن المسافر يفطر ويقضي، فكذلك الحامل والمرضع ، فلتحقان بالمسافر والمريض في وجوب
القضاء، ولا وجه لسقوطه عنهما؛ لأنه إنما يسقط عمَّن عجز عن الصوم بالكلية، وهو
تفسير ابن عباس رضي الله عنهما نفسه للقرآن، عند قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فجعل هذا الحكم فيمن عجز عن الصوم
لشيخوخة ونحوه، وما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، من أنه لا قضاء
عليهما لا يعدو أن يكون اجتهادا، وعند النزاع يجب الردُّ إلى الكتاب والسنة، وقد
سبق بيانه.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 30/5/1432هـ