الواجبُ على من قَتَلَ خَطأً وعَجَزَ عن الصوم
ما الواجبُ على من قتلَ مُسلِماً خطأً، ولا
يستطيعُ الصيامَ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإنه لمن عظيم التشريع الإسلامي أن جعل للنفس
تكريما واحتراما، ولم يذهبها هدراً، حتى
في حال القتل خطأً، فجعل حكم قتل الخطأ مُوجِباً لعدة أحكام؛ ليكون المسلم على
حذر، فأوجبَ أمرَيْن: الدية، والكفارة، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ
مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَل َمُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ
وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا .. فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ
تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }[النساء: 92].
وتكون دية الخـطأ على العاقلة، فقد قضى النبيُّ
صلى الله عليه وسلم بذلك، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولا
يتحمل الجاني منها شيئا على الصحيح من أقوال أهل العلم، حيث جعلها الشارعُ كاملةً
على العاقلة، فإن تعذَّر أخذُها من العاقلة أُخذت من الجاني، قال شيخ الإسلام: "تؤخذ
الديــة من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة في أصح قولي العلماء ".
كما شرع الله تعالى الكفارة، وهي عتق رقبة، فمن
لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ وإنما شرعت الكفارة في قتل الخطأ؛ لأن الخطأ
لا يخلو من تفريط من القاتل في الجملة، ثم يُبدأ في الكفارة بالعتق، فإن تعذر انتقل
إلى صوم الشهرين، فإن عجز عن الصوم،
فإن كان عجزُه لأمدٍ بقيت الكفارة في ذمته، حتى القدرة على الصوم، وإن عجز عن
الصوم بالكلية، فقد اختُلف في الانتقال إلى الإطعام بدلا عن الصوم، والأرجحُ عدمُ
وجوبِ ذلك ، وهو قول جمهور الفقهاء؛ لأن الله تعالى ذكر كفارة القتل لم يذكر
الإطعام، والأصل عدم الوجوب إلا بدليل، ولا قياس في الكفارات.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 23/4/1436هـ