متى يتمكَّن ولي الدم الصغير من المطالبة
بالقصاص؟
ما السن الذي يحق فيه لولي الدم الصغير المطالبة
بالقصاص ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإنه لما كان في الناس من لا يكفيه في حال ظلمه الأمرُ
والنهيُ، حتى يردعَه أو يزجرَه، فإن الله
تعالى بعظيم حكمته شرع ما يمنع تعدي الناس بعضِهم على بعضٍ؛ زجرا للقاتل، وصيانةً
للمجتمع، وحقناً للدماء، وشفاءً لما في
صدر أولياء المقتول، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى
بِالْأُنْثَى .. الآية } [البقرة: 178، 179]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا
.. الآية } [النساء: 92]. فأوجب الله
تعالى في كل نفس قُتلت بغير حق لأولياء الدم حقًّا يستوفونه من الجاني.
فإن كان
القتلُ خطأ أو شبهَ عمدٍ، فلهم الدية المغلظة، وإن كان عمدا، فإن أرادوا القصاصَ وجبَ
بلا تعدٍّ أو إسراف في الاستيفاءِ، قال تعالى:{ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ } [الإسراء: 33].وإن عفوا كلُّهم
سقط، وإذ عفا أحدُهم سقط أيضاً، ووجب الانتقال إلى الدية المغلظة.
وإن كان
أحد أولياء الدم صغيرا -كما ورد في السؤال- وجب الانتظار إلى البلوغ في قول جمع من أهل
العلم، وهو المشهور من المذهب، ولا يقوم وليُّ الصغير بالعفو أو بالمطالبة
باستيفاء القصاص عنه، مع الاحتياط بسجن الجاني، حتى يبلغ الصغير؛ فقد حبس معاوية رضي الله عنه هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل، وكان ذلك في
عصر الصحابة فلم يُنكر ، فإن بلغ الصغير
اختار لنفسه إما القصاص أو الدية أو العفو أو الصلح.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 21/3/1437هـ