الصلاةُ على الجنازة في المقبرةِ
نرجو التكرم بتوضيح معنى حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم نهي أن يصلى على
الجنائز بين القبور؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذا الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط بهذا اللفظ، وهي رواية ضعيفة، وقد خولف
الطبراني، فقد رواه ابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى في المسند عن أنس رضي الله عنه بلفظ : "نهى رسول الله عن الصلاة بين القبور"، وعند ابن أبي شيبة
مرسلا "أن النبي صلى الله عليه وسلم كره الصلاة بين القبور" ولم يذكروا:
" على الجنائز " وفرق بين اللفظين
، فرواية الحديث بدون قوله: " على الجنائز " أحسن
حالا، سندا ومتنا، وهي متماشية مع قواعد الشرع في النهي عن الصلاة بين القبور، أو
إليها.
وقد دل الحديث على مسألة مهمة، وهي الصلاة على الجنائز في القبور، وقد
اختلف أهل العلم فيها على ثلاثة أقوال: فذهب بعض أهل العلم إلى جوازه، وهو المشهور
من مذهب الحنابلة، وقيل بالكراهة، وهو مذهب الشافعية ورواية للحنابلة، وقيل
بالتحريم، وهي رواية في المذهب أيضا، والصحيح القول الأول، لما في الصحيحين من أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المرأة السوداء التي كانت تقمُّ ( تكنسُ )
المسجدَ، فقال: ( دلوني على قبرها، فدلوه، فصلى عليها )، وهو دليل صريح على جواز
الصلاة على الجنازة في المقابر ، سواء كان قبل الدفن أم بعده، وقد استدل المانعون
بالنهي عن الصلاة بين القبور أو إليها، وهذا صحيح ، لكنه عام استثني منه الصلاة
على الجنازة، لفعل النبي صلى الله عليه
وسلم ، ثم هناك فرق بين النهي عن الصلاة إلى المقابر لكونها ذريعة ووسيلة للشرك،
وبين الصلاة على الجنازة للدعاء للميت، وانتفاعه بذلك.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 2/3/1435هـ