قمنا ببيع منزل وأخرجنا جزء من ثمنه بنية زكاة مال فهل يعتبر هذا المبلغ زكاة مال ؟
واذا كانت الأجابة بنعم فهل يجوز التبرع بمبلغ الزكاة هذا لبناء مسجد؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين
لا بأس بإخراج الزكاة بهذه الطريقة، وهي زكاة ما دمتم نويتم ذلك، لكن لا يجزئ على الصحيح وضع الزكاة في المسجد، فالزكاة لها مصارف ثمانية، وليس منها المسجد، كما أن صنف "في سبيل الله" المذكور في الآية، المراد به الجهاد في سبيل الله، وما يعين عليه، في قول عامة المفسرين، ولا يصح حمله على كل الأعمال الصالحة كما توجه إليه بعض المعاصرين بعاطفةٍ في غير محلها، فإن هذا فاسد من وجهين:
الأول: أن الآية سيقت في معرض الحصر، ودعوى التعميم بعد هذا الحصر يفسد المعنى، فإن الله تعالى يقول في صدر الآية: ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين .. وفي سبيل الله وابن السبيل .. الآية) وصيغة الحصر تقتضي حصر الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، فإن قالوا: "في سبيل الله" عامة، فسد المعنى، وبطل مقصود الشارع في الحصر.
ونظيره أن يقال: "إنما المكافأة لفلان وفلان وفلان ولبقية الطلبة" فهذا فاسد من حيث اللغة؛ لأن الحصر في أول الكلام يقتضي أن تكون المكافأة في المذكورين فقط، فلما أتى بما يدل على العموم أبطل مفهوم الحصر، وهذا فاسد في لغة العرب، فكيف يحمل عليه كتاب الله عز وجل، الذي أنزله بلسان عربي مبين؟!!.
والثاني: فساد هذا من ناحية المعنى، وذلك أن الناس لو علموا أن إخراج الزكاة مجزئ في بناء المساجد والمستشفيات والطرق والمدارس، لتوجهوا إليها، وتركوا الأصناف الأخرى، خاصة الفقراء والمساكين، وذلك أن بناء المسجد والمستشفيات أطول عمرا، وأنفع للناس، فسيقدم عليه الناس، ويتركون الأصناف الأخرى، وهذا تعطيل لمصارف الزكاة عما أراد الله، مع العلم أن المستشفى يوجد بها الغني والفقير، وهذا يعني إخراج الزكاة في غير جهتها أيضا، فالأغنياء ليسوا محلا للزكاة.
فمن خلال هذين الوجهين يتبين أن إخراج الزكاة في المساجد والمدارس والمستشفيات لا يجزئ، والواجب إخراج الزكاة في مصارفها المنصوصة في الكتاب العزيز، دون أي تغيير، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 3/12/1432هـ