هل يثبت للمعاقِ الذي يركب عربةً أجرُ المشي إلى
المسجدِ؟
حديث (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ
وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ
وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا
) ما الحال بالنسبة لمعاقٍ لا يستطيع المشي ويركب سيارة ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذا الحديث أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه بسند
صحيح، من حديث أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه، وقد ورد في بعض ألفاظه عند
أصحاب السنن بسند صحيح: (وَمَشَى ولم يَرْكبْ ) ، وهو حديث
صريح في كون المشي إلى الصلاة عند القدرة عليه أفضل من الركوب ، ويؤيده حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار
لا أعلم أحداً أبعدَ من المسجد منه ، و كانت لا تخطئه صلاةٌ .فقيل له: لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء والرمضاء. فقال: ما يسرُّني أن منزلي إلى
جنب المسجد، إني أريد أن يُكتب لي ممشاي ورجوعي
إذا رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( قد جمع الله لك ذلك كله ) رواه مسلم .
وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ
بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).أخرجه أحمد والترمذي، وصححه الألباني.
لكنَّ هذه الأحاديث لا تنفي فضل الله تعالى عمَّن
ذهب إلى المسجد راكبا، هو قادر على المشي، فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الذهاب إلى المسجد بالسيارة
، هل يكون له مثل أجر الماشي ؟ فقال رحمه الله: " السيارة مثل الماشي في أجر الذهاب
المسجد ، وفضل الله واسع " أ.هـ
كما قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - لما سئل
عن كيفية حصول أجر راكب السيارة - فقال رحمه الله :" الظاهر أن دوران العجلة بمثابة
القدمين " ولا أدري هل قال أحد من شيوخنا بمثل هذا أم لا؟
وقد أجاز
الإمام مالك الإسراعَ بالدابة في الذهاب إلى المسجد، بخلاف الماشي.
أما إن كان عاجزا عن المشي ، لمرض ونحوه، فلا شك
في ثبوت الفضل له، وقد يزيد، فالأجر على قدر النصب والمشقة، والمعاقُ أكثر مشقةً
من غيره، سيما إن كان يحرِّك عربته بنفسه، وكذا المريض، فإنه يجد ما لا يجده غيره
من المشقة والتعب، وفي الحديث: ( إن لكِ من الأجر على قدر نصبك ونفقتك ) رواه الحاكم ، وقال: صحيح على شرطهما.
وإن كان ممن اعتاد المشي إلى المساجد، ثم عرض
عليه المرض والإعاقة، فالأجر له كاملا كما كان، ففي الحديث الصحيح الذي رواه
البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ
سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ).
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 23/4/1429هـ