الخلاف في أيهما الأصل: التعدد أم الاقتصار على واحدة؟
هل الأصل في الزواج التعدد؟ أو السنة هو الزواج بواحدة؟ بالدليل؟
جزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين.
هذه المسألة من الأمور المتنازع فيها، ولعل الأقرب أن الأصل هو الزواج بواحدة، وذلك أن الواحدة تحقق مقصود الشارع، وأما إذا لم يحصل المقصود بواحدة، أو حصل وأراد الشخص أن يتزوج ثانية فإنه يجوز له التعدد بشرط العدل، وقوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ، وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) إنما سيقت هذه الآية في حال معينة، وهي خوف عدم القسط في اليتامي اللاتي بين يدي المولى، فله أن ينكح من غيرهن، ما شاء إلى أربعة نساء، وهذا يبين الجواز والإباحة، لا أنه مطلب للشارع حتى يكون هو الأصل، وكون النبي صلى الله عليه وسلم عدَّد في النساء، فلا يعني أن هذا هو الأصل، إنما أخذ بالجواز والإباحة، كما أن المستحب له صيغ في الشرع، وليس نص الآية منها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود) ويصدق امتثال هذا الأمر بامرأة واحدة، ولو أراد التعدد لقال: (أكثروا من الزواج) أو عددوا في النساء ونحوه من العبارات الدالة على استحباب هذا الأمر.
ثم كيف يكون التعدد هو الأفضل مع كونه في كثير من الأحيان يترتب عليه تشتت أسري، ومشاكل بين الأولاد، وتعريض نفس الزوج لعدم العدل.
وقد توسط الشيخ ابن جبرين في هذه المسألة فقال:
"ولكن بكل حال الأحوال تختلف، والقدرات تختلف، فمن وثق من نفسه بأنه يعدل بين المرأتين أو الثلاث أو الأربع، ويعطي كل واحدة حقها؛ فإن الأصل في حقه أن يعدد.اهـ.
وممن كان يرى أن التعدد هو الأصل الشيخ عبد العزيز بن باز، فقد قال رحمه الله: "الأصل في ذلك شرعية التعدد لمن استطاع ذلك ولم يخف الجور؛ لما في ذلك من المصالح الكثيرة في عفة فرجه وعفة من يتزوجها الإحسان إليهن وتكثير النسل الذي به تكثر الأمة وتكثر من يعبد الله وحده"أهـ.
بينما كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يميل إلى كون الواحدة أسلم، فقال رحمه الله بعد أن حكى الخلاف في هذه المسألة: "الاقتصار على الواحدة أسلم، ولكن مع ذلك إذا كان الإنسان يرى من نفسه أن الواحدة لا تكفيه ولا تعفُّه، فإننا نأمره بأن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، حتى يحصل له الطمأنينة، وغض البصر، وراحة النفس".
وهذا هو الذي يظهر لنا، لما في التعدد -مع كونه مباحا- من وقوع في الحرج الشرعي، بعدم العدل، وعدم القدرة على النفقة في كثير من الأحيان، مع ما فيه من التشتت الأسري، وكثرة المشاكل والنزاعات، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 7/4/1428هـ