خزانة الفتاوى / الزكاة / هل مجرد نية البيع تصيِّر المالَ عَرَضَ تجارة، فتجب فيه الزكاة؟

هل مجرد نية البيع تصيِّر المالَ عَرَضَ تجارة، فتجب فيه الزكاة؟

تاريخ النشر : 18 شعبان 1440 هـ - الموافق 24 ابريل 2019 م | المشاهدات : 2523
مشاركة هذه المادة ×
"هل مجرد نية البيع تصيِّر المالَ عَرَضَ تجارة، فتجب فيه الزكاة؟ "

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. 
  فإن الأصل فيما يملكه العبد من مقتنيات أنها للاستعمال الشخصي، وليس للربح ولا للتجارة، وتسمى في تلك الحال مالا قُنْية، أي: الاحتفاظ بالشيء للانتفاع به، وليس لبيعه ولا لشرائه بغرض الربح وتقليب المال، وقد جاء الشرع بعدم وجوب الزكاة في المال إن كان على هذا الوجه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" أخرجاه. 
وهذا الحديث أصل في سقوط الزكاة عن كل مال أُعِدَّ للانتفاع الشخصي، فيدخل في ذلك كل ما يحتاجه العبد من مسكن وملبس ومركب وفُرُش وغيره، فلا زكاة في ذلك في قول عامة أهل العلم. 
فما خرج عن القنيةِ، وعن قَصْدِ الانتفاع الشخصي، بنيةٍ جازمةٍ، وأريد به تقليبُ المالِ لقصد الربح والتجارة، فهذا يسمى بعروض التجارة، وتجب فيه الزكاة في قول جمهور الفقهاء، خلافا للظاهرية، عملا بالنصوص الموجِبة الزكاة في المال مطلقا، وقد خرج من تلك النصوص ما كان قنيةً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق، وبقي ما سواه، ومنه عروض التجارة، وبنحو قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) قالوا: وهي في التجارات. 
والسؤال المطروح هو: هل كلُّ بيعٍ يَرِدُ على العينِ، يصيِّرها عرضَ تجارةٍ؟ المعتبر في هذه المسألة هو بيع المال بنية تقليبه للربح، وليس لمجرد البيع، فإنه ما من شيء يملكه العبد، وإلا ويرد عليه نية البيع، لحاجة، أو ضائقة، أو زهد فيه، ورغبة في تغييره، أو للتخلص منه، وكل هذه المقاصد لا تصيِّر البيعَ للربح، ولا للتجارة، حتى ولو ربح في بيْعةٍ بعينها، فلا يكون عرض تجارة، حتى يقصد قيمة هذا المال، ويريد تقليبه من عين لأخرى؛ طلبا للربح. 
وعليه فمن باع فرش بيته، وهو  لا يريد قيمته، ولا تقليبه لغرض الربح، فلا زكاة فيه. أو باع أرضا كان يريد بناءها، ثم باعها لحاجته للمال، أو لعدم رضاه بالمكان، ونحوه، ثم اشترى أخرى في مكان آخر للبناء عليها، فلا زكاة فيه. 
ومن باع سيارته، لقِدَمِها، أو لكثرة تلفها ونحوه، وهو لا يريد تقليب ثمنها في بيع آخر، إنما لشراء أخرى أو للتخلص منها، فلا زكاة فيه. 
وهلم جرا.
فلا يزكي إلا من أراد بالبيع الربح، وتقليب الثمن في التجارة، من عين لأخرى، وهو لا يريد أعيانها، إنما يريد قِيَمَها. 
وكذا إن كان عنده مال قنية، ثم نوى وجزم الاتجارَ فيه، وتقليبَه بغرض الربح، فإن الزكاة تجب فيه، كما لو قرر أن يتجر في السيارات، فبدأ بسيارته التي كانت للقنية، فهنا تجب الزكاة في قيمتها، إن بلغت النصاب، وحال الحول على نيتها للتجارة، وهكذا، فإن قطع نية التجارة أثناء الحول انقطع وجوب الزكاة، وهكذا الحكم في كل عين قُنْية. 
والله الموفق 
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي 
في ١٤٤٠/٨/١٨هـ
 

مواد جديدة

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف