الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإنه في الآونة الأخيرة كثر الكلام حول ضعف قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، بطريق مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركنا الكلام في هذا الأمر لأهل التخصص من المحدثين، غير أنه -على الأقل- ثبت فضل قراءتها بطريق موقوف على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو هذا الحديث المشهور: (من قرأ سورةَ الكهفِ في يومِ الجمعةِ، أضاء له من النورِ ما بين الجمُعتَينِ).
وقررنا مرارا -تبعًا لكبار أئمة الإسلام- أن كل نص فيه فضل أو أجر أو تعلق بالغيب ونحوه إن صح عن الصحابة رضي الله عنهم، فله حكم الرفع، أي: إلى الشرع، والمتمثل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتقرر أن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة مندوبة، لكن ليس بحديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما بالحديث الموقوف على أبي سعيد رضي الله عنه، والذي صححه جمع كبير من أكابر أهل الحديث، وبهذه الزيادة "يوم الجمعة" وإلى هذا انتهينا .
لكن .. أن يقال: إنه لا تصح الزيادة، وعليه فلا تخصص قراءتها بيوم الجمعة، إنما تقرأ سائر الأسبوع!! فلا أدري أي فضل زادت به تلك السورة على غيرها من القرآن، ما دامت تقرأ في أي يوم من أيام الأسبوع، أو أي يوم من أيام السنة، فالشأن ليس في قراءتها مطلقا، ولو مرة، إنما الشأن في خصوصية قراءتها يوم الجمعة، مع تكراره طول العمر، أما كونها تقرأ سائر أيام الأسبوع أو الشهر أو السنة، فهذا شأن القرآن كله، أنه يُقرأ ويثبت له الفضل العظيم، وحتى ولو اختصت الكهف بمزيد فضل (وهو الوارد في الحديث)، فهذا عام لها كل أيام السنة، ومقتضاه أنها لو قرئت مرة واحدة في العمر، فقد حصل هذا الفضل!! ولا يعاتب فيما لو اكتفى بعدم قراءتها بعد ذلك، إذ ليس في النص -على هذا التقدير- ندبٌ لتكرار قراءتها.
أما كونها تخصص الجمعة بالقراءة، فهذا متكرر، ومقصود، وتحصل به الفائدة التي يريدها الشارع، ورتب عليها هذا الثواب، وقد صح حديثها -كما تقدم- موقوفا، فعلى أقل الأحوال نكرر قراءتها الجمعة، ثم نواظب عليها في غير الجمعة؛ تكثيرا للثواب، وخروجا من النزاع.
والله ولي التوفيق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 23/4/1441هـ