خزانة الفتاوى / عقيدة / حكم تعزية غير المسلم

حكم تعزية غير المسلم

تاريخ النشر : 21 محرم 1444 هـ - الموافق 19 اغسطس 2022 م | المشاهدات : 477
مشاركة هذه المادة ×
"حكم تعزية غير المسلم"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
  فإنه لا بأس في الجملة من مجاملة غير المسلم بما لا يتعارض مع عقيدة الإسلام، فتهنئته بفرحه ونجاحه، وقبول هديته، وإهداؤه، وكذلك تعزيته، كل هذا لا يتعارض مع عقيدة المسلم، بل هذا موافق للقرآن، قال تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ** إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚوَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ومن الإقساط إليهم إهداؤهم وقبول هديتهم وتهنئتهم على أفراحهم، وتعزيتهم في مصائبهم، وغيره من صور البر والصلة، فكل هذا من القسط والعدل، وحسن الجوار، وحسن العهد بالناس عموما، دون المساس بعقيدة المسلم، من موافقته على التثليث أو بدئه بالسلام والدعاء له بالرحمة والمغفرة، ونحوه، فهذا مما نهي عنه المسلم، في صدر سورة الممتحنة وغيرها، وفي السنة الصحيحة. 
كما أن هذا البر وتلك الصلة مشروطة بحال لم ينتصب غير المسلمين لقتالكم في الدين، والسعي في إخراجكم من دياركم أو الدس عليكم والمكر بكم، ولم يعملوا على إلحاق الضرر والأذى بالمسلمين، ومعلوم أن كثيرا من أقباط العرب في مصر وغيرها فيهم مسالمة، وعدم تعدٍّ، وهذا معلوم لكثير من المسلمين، ممن جاور النصارى في تلك البلاد، فإِنْ قطع المسلم بذلك كان عليه أن يحسن إليهم، وأن يقسط معهم في المعاملة، بما تقدم.
وقد أخرج البخاري عن أسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: أتتني أمي راغبة -أى: في عطائي- وهي مشركة فى عهد قريش، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أأصلها؟ فأنزل الله تعالى: (لاَّ يَنْهَاكُمُ الله .. الآية) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم صلي أمك".
ولأحمد: "فأمرها أن تقبل هديتها، وأن تدخلها بيتها".
كما عاد النبيُّ صلى الله عليه وسلم اليهوديَّ الذي كان يخدمه، ثم دعاه إلى الإسلام وأسلم، وأكل في بيت اليهود، وقبل دعوتهم، وقبل هديتهم، الشاةَ، وكانت مسمومة، وأكل غير مرة في بيوت اليهود، بمفرده، وهو وعائشة رضي الله عنها.
وقبل الصحابة رضي الله عنهم هدايا غير المسلمين في أعيادهم، النيروز وغيره، كما نقله شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم، فهو مروي عن علي وعائشة وابن مسعود وأبي برزة رضي الله عنهم جميعا، شرط ألا يكون مذبوحا لعيدهم، فلا يجوز أكله، أو يعين على الاحتفال بعيدهم من بيض ونحوه، فلا يقبل أيضا.
ويحرم على المسلم أن يهديهم في أعيادهم، فهي أعياد باطلة، لا يجوز تهنئتهم بها، ولا مشاركتهم فيها، فهذا مما يخالف العقيدة.
كما لا يعني هذا القسطُ والإحسانُ إليهم محبتَهم ومودتَهم، فقد نهانا الله تعالى عن ذلك، فقال: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ .. الآية).
وله أن يقول في التعزية: لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، ويؤمر بالصبر أيضا، دون الاحتساب، فهو ليس من أهله، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وهذا أمر الله تعالى وسنته في العباد، وأخلف الله عليكم خيرا، ونحوه.
وفي الجملة: على المسلم أن يعلم أن من أدقِّ أبوابِ العلم فقهًا معاملةَ غير المسلمين، فهي بين الجائز المباح، وبين الممنوع المحرم، الذي شَدَّد الشارع في تحريمه.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي 
في 17/1/1444هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف