المواد / فتاوى منوعة / قراءة الفاتحة للشهداء والأموات، والحكم بالشهادة على المعين

قراءة الفاتحة للشهداء والأموات، والحكم بالشهادة على المعين

تاريخ النشر : 25 جمادى أول 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 1283
مشاركة هذه المادة ×
"قراءة الفاتحة للشهداء والأموات، والحكم بالشهادة على المعين"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

قراءة الفاتحة للشهداء والأموات، والحكم بالشهادة على المعين

وفقك الله لما يحبه ويرضاه، يكثر جدا تناقل عبارات قراءة الفاتحة للشهداء، والأموات ونحوه، فهل هذا مشروع؟

الحمد لله رب العالمين

هذا السؤال فيه مأخذان، الأول: الحكم بالشهادة على المعين، الثاني: قراءة الفاتحة للأموات،

أما الحكم بالشهادة على المعين، فهذا من الجرأة في دين الله، فإن الحكم على من مات في القتال في صف المسلمين ضد الكفار لا يجوز أن يحكم عليه بعينه بالشهادة، فكيف بمن مات وهو يشاهد مباراة كرة قدم، أو من مات في فتنة مدلهمة، لا يعلم الخير في أي أمريها؟! نعم نرجو لهم الخير، وأن ينال الميت منهم أجر الشهداء، لكن الحكم عليه بعينه بالشهادة محل نظر، وافتيات على الشرع، فالشهادة أمر غيبي لا يطلع عليه، ويعلمه إلا الله سبحانه، فلابد من دليل عليه، مع ما فيه من تزكية للميت، بغير دليل.

لذا ترجم البخاري رحمه الله فقال: (باب لا يقال فلان شهيد) ثم ساق حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله) قال الحافظ في الفتح: (ووجه أخذ الترجمة منه يظهر في حديث أبي موسى " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل" متفق عليه. ولا يطلع على ذلك إلا بوحي فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطي حكم الشهادة لقوله (الله أعلم بمن يكلم في سبيله) أي فلا يَعلمُ ذلك إلا من أعلمه الله، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله) (فتح الباري 6/90).

كما أخرج أحمد وأصحاب السنن عن عمر رضي الله عنه أنه خطب فقال: ( وأخرى يقولونها لمن قتل في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد).

والكلام في ذلك يطول، وهذا يغني.

وأما قراءة الفاتحة للأموات، الشهداء أو غيرهم، فهذا ليس من الشرع في شئ، ويجب على المسلمين أن يتعلموا وأن يفقهوا دين الله، فما زال الناس يموتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يقرأ على أحد منهم الفاتحة، أو يأمر أحدا من أصحابه بذلك، ولو كان هذا خيرا للميت لبادر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يخفى الخير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونعلمه نحن!! فهذا محالٌ شرعا وعقلا، ومن المتقرِّر أن السُّنة فِعلُ ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وتَركُ ما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم.

لكن المشروع للميت هو الدعاء له، فقد جاء في الحديث الصحيح عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم مما ينفع الميت بعد موته الدعاء له، وهو في سياق العمل: "انقطع عمله" ، وهو من أرحم الناس بالأب، وهو الولد، ولو كان شئٌ أرجى من الدعاء ينفع الميت لذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشفق الناس بأمته صلوات الله وسلامه عليه، وأعلم الناس بالخير، وبمرضات الله، فلم يذكر الفاتحة ولا غيره، من صلاة أو صوم أو نحوه، فدل على أن أنفع الأعمال للميت على الإطلاق هو الدعاء له.

أما قراءة الفاتحة للميت، فهو مما أحدثه الناس، ومن البدع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وحريٌّ بالمسلم أن ينأى بنفسه عن كل موضع بدعة، مادام النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب وصفها بالضلالة، فعجبا لمن يسعى للوقوع فيها !! والله الموفق.

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 10/3/1433هـ

 

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف