حكمُ تنظيمِ الأُسرةِ
ما حكمُ تنظيمِ الأسرةِ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أمته إلى تكثير النسل، فقال صلى الله
عليه وسلم: ( تزوجوا
الودودَ الولودَ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه
الألباني، فالشارع يريد من هذه الأمة أن تكثر، وتزيد، وتمتلأ بها الدنيا، حتى
يكونوا فخراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وليكون تكثيرُها زيادةً
في الموحِّدين ، وعباد الله الصالحين، وتكثيرا لمن يعبد الله تعالى، ويتبع رسولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم.
هذا من حيث الأصل، وعليه فكل طريق لقطع النسل
بالكلية فهو ممنوع في شريعة الإسلام، لا يجوز؛ لما فيه من مخالفة صريحة للنص
النبوي، ولمقصد الشارع الحكيم.
وبأي طريق يحصل قطع للنسل بالكلية فهو ممنوعٌ، سواءٌ
كان بأدوية دائمة، أو لفترات طويلة بغير
حاجة، أو بتركيب لولب، أو بالعزل ونحوه.
كما أن قطع النسل خشية الرزق من أشد الصور
تحريما، وهو سوءُ ظنٍّ بالله تعالى، ومن عَمَلِ
أهلِ الجاهلية، قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ
رِزْقُهَا} [هود: 6]، وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}
[الذاريات: 22].
وكذا إن قطع النسل؛ خشية العجز عن تربيتهم أو
تأديبهم، فهذا أيضا محرَّمٌ، لما فيه من سُوءِ ظنٍّ بالله تعالى، فإن الهدى بيد
الله جل وعلا، قال تعالى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي
مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56].
أما إن كان تنظيم النسل لتحصيل مصلحة محقَّقةٍ،
أو لدفع مَضَرَّةٍ متيقَّنةٍ، فلا بأس به، وتقدَّر الحاجةُ بقدْرها، والضرورةُ بقدْرها،
كأن يُنظَّم الحملُ لقيام المرأة على
صغيرها، وإرضاعه على الوجه الأكمل، أو لأن الولادة شاقة على المرأة ، أو لأن
الولادة تضرُّهاضررًا بالغا، ونحو ذلك من الأمور الخارجة عن الاستطاعة.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 23/5/1433هـ