خزانة الفتاوى / منوع / الدعاءالدعاء في شئ قضيت نتيجته

الدعاءالدعاء في شئ قضيت نتيجته

تاريخ النشر : 11 ربيع أولl 1441 هـ - الموافق 09 نوفمبر 2019 م | المشاهدات : 913
مشاركة هذه المادة ×
"الدعاءالدعاء في شئ قضيت نتيجته "

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
ما حكم الدعاء على شيء قد حدد وانقضت نتيجته ؟ أقصد يا شيخ لو اتصلت المدرسة بأحد الطلاب وقالت له تعال واستلم نتيجتك، فهل يجوز له أن يدعو في الطريق بأدعية مثل (يارب تكون النتيجة عالية) أو ما شابهه، مع أن النتيجة قد طبعت وهي جاهزة للتسليم؟ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد باب الدعاء باب واسع من أبواب العبادات، وهو من أجلَّها وأعظمها وأحبها إلى الله تعالى، حتى جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة، فقد أخرج أحمد والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ الدعاءَ هُوَ العبادة "، ثم قرأ: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) قال الترمذي: حسن صحيح. ولتفصيل الأمر فإن الدعاء في مثل الحال المذكورة له صور ثلاثة: الأولى: أن يكون الدعاء في شئ قضي وعلم الشخص بالمقضي، كأن يعلم أنه رسب، فيدعو الله أن ينجح، أو علم أن فلانا مات فيدعو الله أن يحييه، فالدعاء في هذه الحال عبث، بل يعتبر من التعدي في الدعاء؛ لأنه دعاء بشئ من المستحيلات. فعن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه أنه سمع ابنه يقول: " اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني، سل الله الجنة وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء ". أخرجه أحمد، وأبو داود، وهو صحيح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " الاعتداء في الدعاء يكون تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله ". وقال ابن عابدين: " من المحرم أن يسأل المستحيلات العادية، وليس نبيا ولا وليا في الحال، كسؤال الاستغناء عن التنفس في الهواء ليأمن الاختناق، أو العافية من المرض أبد الدهر لينتفع بقواه وحواسه أبدا، إذا دلت العادة على استحالة ذلك، أو ولدا من غير جماع، أو ثمارا من غير أشجار .. فكله حرام ". الصورة الثانية: وهي أن يعلم بالأمر، وأنه وقع، سواء وِفقَ مُرادِهِ أم غيره، فهنا الدعاء من جنس السابق، في كونه عبثا، لا معنى له، إنما يشرع له الرضا بالقضاء، فيما لو كان يسوءُهُ، أو الفرح بفضل الله تعالى، وشكره وحمده، فيما لو كان يسرُّه. الصورة الثالثة: أن يعلم أنه وقع، كما ورد في السؤال، لكنه لم يعلم بالمقضي، فهنا لا بأس بالدعاء، فيشرع له أن يتوجه إلى الله تعالى داعيا بما يريد، فإن العبد لا يعلم قضاء الله الذي وقع، أخير هو أم شر ؟ وقد أخرج أحمد بسند حسن عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء ). فعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ) يدل على أنه يشرع الدعاء في نحو الحال المذكورة . قال المباركفوري في قَوْلُهُ: " ( لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَـاءُ (: .. وَقَدْ أَمَرَ بِالتَّدَاوِي وَالدُّعَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَقْدُورَ كَائِنٌ؛ لِخَفَائِهِ عَلَى النَّاسِ وُجُودًا وَعَدَمًا .. يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِل ". اهـ. فما دام أن الشخص لا يعلم المقضي فإنه يشرع له الدعاء بالخير الذي يريده، ورفع الشر الذي يخشاه ويتوقاه، ودعاؤه في تلك الحال داخل في جملة النصوص الواردة في الترغيب والحثِّ على الدعاء، كقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِى الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِى الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ: " يَقُولُ دَعَوْتُ رَبِّى فَمَا اسْتَجَابَ لي" ) رواه الترمذى وصححه الألباني . والله الموفق كتبه: د. محمد بن موسى الدالي في 23/6/1436هـ
 

مواد جديدة

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف