قضاءُ الوِترِ بعد طلوعِ الفَجرِ
لو أن شخصا لم يصلِّ الوتر، وأذَّن المؤذِّن لصلاة الفجر،
فهل لها قضاء ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن جمهور الفقهاء على أن بداية وقت الوتر بعد صلاة العشاء، وينتهي بطلوع
الفجر، وقد قام على ذلك أدلة كثيرة من السنة ، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح
صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى"، وعند مسلم من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (بَادِرُوا الصُّبْحَ
بِالْوِتْرِ)، كما أخرج أصحاب السنن بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: "الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر" ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : (الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) أخرجه مسلم.
وعن أبي بصرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن
الله زادكم صلاةً، فصلوها بين العشاء والفجر، الوتر" رواه أحمد، وصححه
الألباني.
فهذه النصوص وغيرها تؤكد على أن وقت الوتر ينتهي
بانتهاء الليل.
إلا إنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الوتر له
وقتان: وقت اختيار، ينتهي بطلوع الفجر، ووقت اضطرار، ينتهي بصلاة الفجر، وليس
بدخول وقته؛ مستدلين لذلك بجملة من الآثار عن بعض الصحابة ، كعبادة بن الصامت
وحذيفة رضي الله عنهم، وأنهم صلوا الوتر بعد أن أُذِّن للفجر، والأرجح أن هذا ليس
وقتا ثانيا لانتهاء وقت الوتر، إنما هو قضاء للوتر؛ لما تقدم من نصوص صريحة في أن
وقت الوتر ينتهي بطلوع الفجر، كما أنه لم يعهد في الشرع أن يستمر وقتُ صلاةٍ إلى
إقامة التي تليها!
فمن فاته الوتر، حتى دخل وقت الفجر، فلا بأس أن
يصليه قبل إقامة الفجر، قضاءً، أو يصليه بعد طلوع الشمس، وارتفاعها قيد رمح، وهو
يقدر بخمس عشرة دقيقة، ويشفعه، فيصليه ركعتين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( وكان
النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً )أخرجه النسائي، وصححه الألباني.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 7/7/1430هـ