هل من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة قضيت حاجته ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كبير جدا، فهو أمر الله تعالى في كتابه العزيز : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، كما أرشد لذلك النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم : ( فإنه من صلى علي صلاةً صلى الله عليه بها عشرا ) أخرجه مسلم، وأخرج أحمد بسند صحيح عن أوس بن أبي أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مِن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ .. الحديث).
إلى غير ذلك من الأحاديث المرغِّبة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بدون تقييد بعدد معين، غير العشرة الواردة في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، والتقييد الوارد في الإكثار يوم الجمعة، وما سواهما فإن فيه الترغيب في الصلاة والسلام على النبي عليه السلام، دون تقييد بزمن أو عدد، فتشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين، وبأي عدد، وكلما أكثَرَ كان أعظم في الأجر.
أما هذا الحديث: ( من صلى علي في يوم ألف مرة قضيت حاجته). فهو غير موجود في شيء من كتب السنة.
وغاية ما ورد في هذا الباب هو حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ . فقد رواه الترمذي وصححه، واختلف فيه، فإن راوي الحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، وأكثر أهل الحديث على عدم الاحتجاج بحديثه ، حتى قال عنه الإمام أحمد: " منكر الحديث ".
وهو حديث من جملة ما ورد في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف في معناه، والصحيح أن الحديث لا يدل على أن الأفضل بالعبد أن يترك الدعاء لنفسه، ويصلي على النبي عليه السلام! فهذا مخالف لنصوص الشرع الداعية والمرغِّبة في دعاء العبد لنفسه، وجعله مخَّ العبادة، وتركَه تكبُّرا على عبادته سبحانه:{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وهو مخالف لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، كما أنه لم ينقل أنهم تركوا الدعاء والذِّكر، وانشغلوا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إنما المراد أن يحافظ على الدعاء لنفسه، والذِّكر الدائم، مع الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 23/3/1431هـ