حكمُ حلقِ أو تقصيرِ اللحْيَةِ من أجْلِ الوظيفةِ
ما حكم حلق اللحية أو تقصيرها من أجل الوظيفة ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أما الحلقُ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بإعفاء اللحى، فقال: ( خالفوا المشركين، وفروا اللحى) متفق عليه، وقال عليه الصلاة
والسلام: ( وأرخوا اللحى ) رواه مسلم، وأمره
صلى الله عليه وسلم يقتضي الوجوب.
وقد ذهب عامة أهل العلم إلى تحريم حلق اللحية، قال
شيخ الإسلام: "يحرم حلق اللحية"، وقال القرطبي: "لا يجوز حلقها ولا
نتفها ولا قصها"، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما الحلق
، فلا أعلم أحداً من أهل العلم قال بجوازه".
كما كان السلف يعظمون
قدر اللحية تعظيما كبيرا، كان قيس بن سعد أمردَ،
لا لحية له، فقال قومه: نعم السيد قيس، لكن لا لحية له، فوالله لو
كانت اللحى تشترى بالدراهم لاشترينا له لحية!
وكان الأحنف بن قيس رجلاً عاقلاً حليماً،
وكان أمرد، لا لحية له ، وكان سيد قومه فقال بعضهم: وددنا أنا اشترينا للأحنف لحية
بعشرين ألفا! فلم يُعب بشيء غير اللحية، مع أنه كان أحنف وأعور.
أما الأخذ من اللحية، فقد خرَّج مسلم عن جابر بن
سمرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية )، وهذا
هو الأصل: إبقاء اللحية كثَّةً كثيرةً،
لكن إن أخذ مازاد على القبضة فقد ذهب جمع كبير من أهل العلم إلى جوازه، وفعله ابن
عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم وجماعة من
التابعين، وذهب آخرون إلى أن الأولى إبقاؤها كثة، ولا بأس بأخذ الزائد عند استهجان
طولها، وحصول الشهرة بها، وهو مذهب مالك، قال القرطبي: "ولا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص
الكثير منها ، فأما أخذ ما تطاير منها وما يشوه ويدعو إلى الشهرة طولا وعرضا ، فَحَسَنٌ
عند مالك وغيره من السلف"ا.هـ.
أما أخذ ما دون القبضة، فهو ينافي النصوص
السابقة في الأمر بتأخيرها وتوفيرها وإعفائها، فلا يظهر لنا جوازه.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 2/5/1432هـ