المواد / فتاوى منوعة / شرحُ عبارة : " اختلافُ العُلَمَاءِ رحمةٌ "

شرحُ عبارة : " اختلافُ العُلَمَاءِ رحمةٌ "

تاريخ النشر : 9 ذو القعدة 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 817
مشاركة هذه المادة ×
"شرحُ عبارة : " اختلافُ العُلَمَاءِ رحمةٌ ""

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

شرحُ عبارة : " اختلافُ العُلَمَاءِ رحمةٌ "

يرجى التكرم بشرح عبارة : "اختلاف العلماء رحمة" ؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

هذه العبارة وردت منسوبةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح ، قال الألباني:" لا أصل له،  ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ..ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : وليس بمعروف عند المحدثين ، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع".اهـ.

فهذا الكلام من حيث الثبوت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحصل.

أما معناه، فقد أنكره بعض أهل العلم، كابن حزم، حيث ذكر أنه لو كان الاختلافُ رحمةً، للزم أن يكون الاتفاقُ سخطاً، لأنه لا يوجد إلا اختلافٌ واتفاقٌ، فلو الاختلاف رحمة، فالاتفاق سخط، وهذا من أفسد المعاني، وللشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رسالة بعنوان: " إتمام المنة في ذم اختلاف الامة" ذم فيها الاختلاف كله، وممن سار على هذا النهج الشيخ الألباني، حتى قال الشيخ رحمه الله:" وجملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن؛ لأنه من أسباب ضعف الأمة،  كما قال تعالى : {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [الأنفال: 46] ، أما الرضا به وتسميته رحمةً، فخلاف الآيات الكريمة المصرِّحة بذمِّهِ ، ولا مستندَ له إلا هذا الحديث ، الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ.

وذهب بعض أهل العلم إلى صحة معناه، وحمله على الاختلاف في الفروع،  قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: " ما أحب أن أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يختلفوا؛ لأنه لو كانوا قولاً واحداً كان الناس في ضيق، وأنهم أئمة يقتدى بهم ، فلو أخذ رجلٌ بقولِ أَحَدِهِم كان في سعَةِ".

 وقال القاسم بن محمد رحمه الله: لقد نفع اللهُ باختلاف أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أعمالهم، لا يعمل العاملُ بعمل رجل منهم، إلا رأى أنه في سَعَة، ورأى أن خيراً منه قد عمله".

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَال: "اخْتِلاَفُ أَهْل الْعِلْمِ تَوْسِعَةٌ، وَمَا بَرِحَ الْمُفْتُونَ يَخْتَلِفُونَ، فَيُحَلِّل هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا، فَلاَ يَعِيبُ هَذَا عَلَى هَذَا، وَلاَ هَذَا عَلَى هَذَا".

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "وَلِـهَذَا لَـمَّا اسْتَشَارَ الرَّشِيدُ مَالِكًا أَنْ يَحْمِل َالنَّاسَ عَلَى «مُوَطَّئِهِ» فِي مِثْلِ هَذِهِ الْـمَسَائِلِ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّقُوا فِي الْأَمْصَارِ ، وَقَدْ أَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَلَغَهُمْ ، وَصَنَّفَ رَجُلٌ كِتَابًا فِي الِاخْتِلَافِ فَقَال َأَحْمَدُ : لَا تُسَمِّهِ «كِتَابَ الِاخْتِلَافِ» وَلَكِنْ سَمِّهِ «كِتَابَ السِّعة"  وَلِـهَذَا كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ : «إجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ»" .اهـ.

ولعل هذا القول هو الأقرب للصواب، وأن هذه العبارة صحيحةٌ محمولةٌ على الخلاف في الفروع، والذي يحصل به توسعة على الناس، سيما مع اختلاف الأقطار، واختلاف الأعراف، خاصة وأن أكثر المتنازعين في المسائل يطلبون الحق، فيرون في المسألة الواحدة أنهم أصابوه، فلا يضر أن تتبعهم طائفة على ذلك، دون طائفة،  أما الاختلاف في الأصول فهو مذموم، وعليه تحمل النصوص التي تذم الاختلاف.

والله الموفق

كتبه: د. محمد بن موسى الدالي

في 23/5/1431هـ

 

مواد جديدة

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف