المواد / المقالات / أيُّ العلوم الشرعية أولى بالطلب، وكيف يرتبها طالبُ العلم؟

أيُّ العلوم الشرعية أولى بالطلب، وكيف يرتبها طالبُ العلم؟

تاريخ النشر : 25 جمادى أول 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 3718
مشاركة هذه المادة ×
"أيُّ العلوم الشرعية أولى بالطلب، وكيف يرتبها طالبُ العلم؟"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فإن علوم الشريعة كلها جليلة عظيمة؛ إذ العلوم تشرف بشرف موضوعها، وعلوم الشريعة كلها تتعلق بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فكانت على الإطلاق أشرفَ العلوم، وأعلاها قدرًا، بل كلما جاء لفظ العلم في نصوص الكتاب والسنة انصرف إلى علم الشرع بالإجماع.

كما أن منها ما يتعلق بالمسلم عموما كالتزكية ونحوه، ومنها ما يتعلق بطالب العلم، وهو المعنيُّ آصالةً بهذا المكتوب.

أما المسلم عموما، فالواجب أن يتعلم من دينه ما يحتاج إليه في عباداته من معرفةٍ بأصل الدين والتوحيد، وما يجب لله تعالى وما يجب لرسوله صلى الله عليه وسلم، وما يجب لعامة المسلمين، وما يجب عليه من طهارة وصلاة وصوم وزكاة إن كان من أهل الزكاة، وحجٍّ إن استطاعه، وما يقيم ذلك من أحكام فقهية وسننٍ وآدابٍ وغيره.

وإن كان يتعرض للبيوع علم من أحكامها ما لا تقوم تجارته أو بيوعه أو إجاراته إلا به، وإن احتاج النكاح تعلم ما تدعو إليه حاجته، وهكذا في عامة شأنه.

أما طالب العلم، فهو بيت القصيد، ومحط الرِّحال؛ لأنه عالِمُ المستقبل، وإمام المسلمين فيما يأتيه من زمان، ومنه يؤخذ العلمُ بالحلال والحرام، والحق والباطل، فيحتاجه المسلمون ما عاشَ ليبينَ لهم دينَ الله تعالى، فكان الأمرُ فيه أعظمَ، والشأنُ فيه أهمَّ.
وعليه؛ فليعلم أن العلم بالنسبة لطالب العلم أقسام أربعة:

الأول: هو العلمان الأساسيان، وهما علما: العقيدة والفقه.

الثاني: علوم الآلة، كعلم أصول الفقه، وقواعد الفقه، ومصطلح الحديث، والنحو والصرف، وأصول التفسير ونحوه.

الثالث: العلم بشرح وتفسير كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُعنى في ذلك بأصول نصوص الكتاب والسنة، من أدلة الأحكام وأدلة التوحيد ، ثم بقية الأصلين، إن تيسر له ذلك، ويدخل في شيء من العلم بالسيرة النبوية.

الرابع: حفظ ما يحتاج إليه الطالب من آيات الأحكام من كتاب الله، ونحوها، وإن أتم حفظ القرآن كاملا كان حسنا، وكذا أصول الأحكام من السنة، وكلما زاد في ذلك كان أكمل وأوفى.

وعند النظر في هذه العلوم كلها نجدها تجتمع لتبني الطالب في أهم العلوم على الإطلاق، وهما: علم العقيدة والتوحيد، وعلم الفقه، وبيان الحلال والحرام، فهما العلمان اللذان يسعى إليهما الطالب من بدايةِ الطلبِ إلى نهايته، وكلُّ ما يدرسه من علوم أخرى إنما يصب في مصلحة هذين العلمين، لا غير، فغاية دراسة علم العقيدة تصحيح معتقد المسلمين، وهو أصل الدين، والذي من أجله أنزل الله تعالى كتبه، وأرسل رسله عليهم الصلاة والسلام، وما أكثر ما تنعطف الطرق بعقائد المسلمين بين الحين والآخر، فكان لزاما على الطالب أن يحرص على المحافظة على هذا الأصل الأصيل، بالعناية به جدًّا، ثم تعليمه ونشره بين المسلمين، وتصحيح ما وقع الخطأ فيه.

وأما الفقه، فهو بيان الحلال والحرام، وهو الأمر الذي لا ينفك المسلم في كل زمان ومكان عن الاحتياج إليه، سيما مع كثرة المتغيرات والنوازل، التي لا تتوقف طرفة عين، وواقعيا، فإن حاجة المسلمين إلى الفقه أكثر من أي علم آخر، لكثرة ما يعتري المسلم من أحكام طيلة حياته.

فإن قيل: وماذا عن علوم الآلة، فهل لنا أن ننشغل بعلم المصطلح والرجال أو علم أصول الفقه أو علم النحو، ونتوسع فيه؟

فالجواب: على الطالب ابتداء أن يأخذ من علوم الآلة ما يحتاج إليه، ويبنيه فحسب، ولا يقضي عمره كله في دراسة ذلك، إذ هي علوم مساعدة، وليست أساسية، لكن لا بأس لمن وجد من نفسه قدرة وموهبة على الاستمرار في علم من تلك العلوم زمنا طويلا، وتحصيل درجات عالية منها، لا بأس أن يستمر فيها، لكن هذا بمثابة الاستثناء الشخصي، ولأعداد قليلة جدا من طلاب العلم، فهو جائز، لكن ليس لعموم الطلبة، إنما على الوصف المذكور.

فأكرر وأقول: احرص أخي طالب العلم على فهم أصلي العلم: العقيدة والفقه، وخذ من العلوم الأخرى ما يَقْوى به عودُك، ويستقيمُ به فهمُك، وكُفَّ عما سوى ذلك، وامضِ في الأصول، فليس من الحكمة الانشغال بالوسائل عن الغايات، وبالمُعين عن المُستعان له.

والله ولي التوفيق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 29/2/1440

هـ

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف